من يحمل وحده على المشركين ، ويظن أنه يقتل فإنه إنما يجوز إذا غلب على ظنه أنه ينكى فيهم بقتل أو جرح أو هزيمة.
قال : ولا يختص بالولاة.
(ولا يختص بالولاة إلا إذا انتهى إلى القتل ، ولا بأهل الاجتهاد إلا إذا كان مدركه الاجتهاد. ولا بمن لا يرتكب مثله لأنهما واجبان متميزان. ويسقط بقيام البعض عن الباقين لأنه فرض كفاية. وإذا نصب واحد كالمحتسب تعين عليه. وهل يجوز للمجتهد الاعتراض على آخر في محل الخلاف وفيه خلاف).
كان المسلمون في الصدر الأول وبعده يأمرون الولاة بالمعروف ، وينهونهم عن المنكر من غير نكير من أحد ولا توقيف على إذن ، فعلم أنه لا يختص بالولاة ، بل يجوز لآحاد الرعية بالقول والفعل. لكن إذا انتهى الأمر إلى نصب القتال ، وشهر السلاح ، ربط بالسلطان ، حذرا عن الفتنة. كذا ذكر إمام الحرمين ، وقال : إن الحكم الشرعي إذا استوى في إدراكه الخاص والعام ففيه للعالم وغير العالم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذا اختص مدركه بالاجتهاد ، فليس للعوام فيه أمر ونهي بل الأمر فيه موكول إلى أهل الاجتهاد ثم ليس لمجتهد أن يتعرض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موضع الخلاف. إذ كل مجتهد مصيب في الفروع عندنا.
ومن قال إن المصيب واحد ، فهو غير متعين عنده. وذكر في محيط الحنفية (١) أن للحنفي أن يحتسب على الشافعي في أكل الضبع. ومتروك التسمية عمدا. وللشافعي أن يحتسب على الحنفي في شرب المثلث ، والنكاح بلا ولي ، ثم لا يختص وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يكون ورعا لا يرتكب مثله. بل من رأى منكرا وهو يرتكب مثله فعليه أن ينهى عنه. لأن تركه للمنكر ونهيه عنه فرضان متميزان ، ليس لمن ترك أحدهما ترك الآخر ، ثم هو فرض كفاية إذا قام به في كل بقعة (٢) من فيه غناء ، سقط الفرض عن الباقين. وهذا لا ينافي القول بأنه فرض على الكل ، لأن المذهب أن فرض
__________________
(١) هم أصحاب الإمام النعمان ثابت التميمي بالولاء الكوفي أبو حنيفة إمام الحنفية المجتهد توفي عام ١٥٠ ه راجع تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢٣ ـ ٤٢٣ وابن خلكان ٢ : ١٦٣ والنجوم الزاهرة ٢ : ١٢ والبداية والنهاية ١٠ : ١٠٧
(٢) في (ب) البعض بدلا من (بفعه).