حصر الفسق على الكافر ، فيكون كل فاسق كافرا وكقول النبي (عليهالسلام) : «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر» (١).
وقوله : «ومن مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا» (٢).
قلنا : المراد بما أنزل الله هو التوراة بقرينة قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) إلى قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٣).
فيختص من لم يحكم باليهود ، ولأنا لم نتعبد بالحكم بالتوراة. على أنه لو كان للعموم ، فسلب العموم احتمال ظاهر. ثم التعبير عن ترك الحج بالكفر استعظام له ، وتغليظ في الوعيد عليه. وكذا الحديث الوارد في هذا المعنى في ترك الصلاة عمدا مع احتمال الاستحلال. والمراد بالفاسقين في قوله تعالى : (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤).
الكاملون في الفسق والمتمردون المنهمكون في الكفر ، للقطع بأن الفسق لا ينحصر في الكفر بعد الإيمان.
الثاني ـ الآيات الدالة على انحصار العذاب في الكفار مع قيام الأدلة على أن الفاسقين يعذبون كقوله تعالى : (أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٥) (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) (٦) (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٧).
قلنا : المراد الكامل الهائل من العذاب ، والخزي والنار للقطع بتعذيب غير المكذبين ، أو الحصر غير حقيقي ، بل بالإضافة إلى المتقين ، فلا يمنع دخول
__________________
(١) الحديث رواه ابن ماجه في كتاب الفتنة ٢٣ باب الصبر على البلاء ٤٠٣٤ بسنده عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال أوصاني خليلي صلىاللهعليهوسلم بلفظ (أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر».
(٢) سبق تخريج هذا الحديث.
(٣) سورة المائدة آية رقم ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧.
(٤) سورة النور آية رقم ٥٥.
(٥) سورة طه آية رقم ٤٨.
(٦) سورة النحل آية رقم ٢٧.
(٧) سورة الليل آية رقم ١٤ ، ١٥ ، ١٦.