بالآيات فهو من أصحاب المشأمة ولا ينعكس كليا.
الرابع ـ ما يدل على كون الكافر في مقابلة المتقي من غير ثالث. ولا شك أن الفاسق ليس بمتق (١) فيكون كافرا ، وذلك قوله تعالى :
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ..) إلى قوله : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) (٢)
قلنا : لا دلالة على نفي قسم ثالث.
الخامس ـ أن الفاسق آيس من روح الله. وكل من هو كذلك فهو كافر لقوله تعالى : (لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٣)
قلنا : الصغرى ممنوعة ، فإنه ربما يرجو العفو من الله تعالى ، أو التوبة من نفسه ، وبهذا يندفع ما يقال : إن العاصي من المعتزلة يلزم ان يكون كافرا لكونه آيسا ، فإنه وإن لم يعتقد العفو فليس بآيس من توفيق التوبة.
فإن قيل : هو يعتقد أنه ليس بمؤمن شرعا ، وكل من كان كذلك فهو كافر.
أجيب بمنع الكبرى. وأما القائلون بكون الفاسق منافقا فتمسكوا بوجهين : عقلي ، وهو أن إقدامه على المعصية المفضية إلى العذاب يدل على أنه كاذب في دعوى تصديقه بما جاء به النبي (عليهالسلام) كمن ادعى أنه يعتقد أن في هذا الجحر حية ، ثم يدخل فيها يده.
ونقلي ، وهو قوله (عليهالسلام) : «آية المنافق ثلاث : إذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب وإذا ائتمن خان» (٤).
والجواب عن الأول أنه وإن كان يخاف العذاب ، لكن يرجو الرحمة ، ويأمل
__________________
(١) في (ب) تقيا بدلا من (بمتق).
(٢) سورة الزمر آية رقم ٧٣.
(٣) سورة يوسف آية رقم ٨٧.
(٤) الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان ٢٥ باب بيان خصال المنافق ١٠٧ ـ (٥٩) ـ بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. ورواه الإمام البخاري في كتاب الإيمان ٢٤ وكتاب الأدب ٦٩ والإمام الترمذي في الإيمان ١٤.