العقائد وينبهون على ما هو الحق.
فإن قيل : فكذا في الأصول المتفق عليها.
قلنا : لاشتهارها ، وظهور أدلتها على ما يليق بأصحاب الجمل. قد يقال : ترك البيان إنما كان اكتفاء بالتصديق الإجمالي ، إذا التفصيل إنما يجب عند ملاحظة التفاصيل ، وإلا فكم مؤمن لا يعرف معنى القديم ، والحادث هذا ، وإكفار الفرق بعضها بعضا مشهور)
في باب الكفر والإيمان. ومعناه أن الذين اتفقوا على ما هو من ضروريات الإسلام كحدوث العالم ، وحشر الأجساد وما أشبه ذلك. واختلفوا في أصول سواها كمسألة الصفات وخلق الأعمال ، وعموم الإرادة ، وقدم الكلام ، وجواز الرؤية ، ونحو ذلك مما لا نزاع أن الحق فيها واحد ، هل يكفر المخالف للحق بذلك الاعتقاد وبالقول به أم لا؟ وإلا فلا نزاع في كفر أهل القبلة المواظب طول العمر على الطاعات باعتقاد قدم العالم ، ونفي الحشر ، ونفي العلم بالجزئيات ، ونحو ذلك. وكذا بصدور شيء من موجبات الكفر عنه ، أما الذي ذكرنا فذهب الشيخ الاشعري ، وأكثر الأصحاب إلى أنه ليس بكافر ، وبه يشعر ما قال الشافعي (رحمهالله تعالى) : لا ارد شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية (١) ، لاستحلالهم الكذب ، وفى المنتقى عن أبي حنيفة (رحمهالله تعالى) أنه لم يكفر أحدا من أهل القبلة. وعليه أكثر الفقهاء ومن أصحابنا من قال بكفر لمخالفين. وقالت قدماء المعتزلة بكفر القائلين بالصفات القديمة ، وبخلق الأعمال ، وكفر المجبرة ، حتى حكي عن الجبائي أنه قال : المجبر كافر. ومن شك في كفره فهو كافر ، ومن شك في كفر من شك في كفره فهو كافر. ومنهم من بلغ الغاية في الحماقة والوقاحة فزعم أن القول بزيادة الصفات ، وبجواز الرؤية ، وبالخروج من النار ، وبكون الشرور والقبائح بخلقه وإرادته ومشيئته ، وبجواز إظهار المعجزة على يد الكاذب كلها كفر.
__________________
(١) الخطابية كلها حلولية لدعواها حلول روح الإله في جعفر الصادق ، وبعد في أبي الخطاب الأسدي فهذه الطائفة كافرة من هذه الجهة ، ومن جهة دعواها أن الحسن ، والحسين وأولادهما أبناء الله وأحباؤه ، ومن ادعى منهم في نفسه أنه من أبناء الله فهو أكفر من سائر الخطابية. راجع الفرق بين الفرق ٢٥٥.