والشعر من كل بحر مثل قوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١) وغير ذلك.
والجواب : أنه لا يبعد توافق اللغتين أو جعل الكل عربيا تغليبا ، وأن الخطأ إما في التخطئة على ما بين في علم النحو ، وأن المحكى لا يلزم أن يكون عبارة المحكى عنه ، وفي التشابه فوائد مثل مثوبة النظر ، أو التوقف والتكرار ربما يكون من المحاسن والاختلاف المنفى هو تفاوت النظم بحيث يقصر عن الإعجاز ، ووهم التناقض والكذب والشعر من الجهل بعلم التفسير وبمعنى الشعر).
(أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) (٢) ولم يخالف في ذلك من أهل الملل والأديان إلا البعض من اليهود والنصارى ، وحجتنا أنه (عليهالسلام) ادعى النبوة ، وأظهر المعجزة ؛ وكل من كان كذلك فهو نبي لما بينا ، أما دعوى النبوة فبالتواتر والاتفاق (٣) حتى جرت مجرى الشمس في الوضوح والإشراق. وأما إظهار المعجزة فلأنه أتى بالقرآن ، وأخبر عن المغيبات ، وأظهر أفعالا على خلاف المعتاد ، وبلغت جملتها حد التواتر ، وإن كانت تفاصيلها من الآحاد. فلنتكلم في الأنواع الثلاثة :
أما النوع الأول ففيه ثلاث مقامات لبيان إعجاز القرآن ، ووجه الإعجاز ، ودفع شبه الطاعنين.
أما المقام الأول فهو أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) تحدى بالقرآن (٤) ، ودعا إلى الإتيان بسورة مثله مصاقع البلغاء والفصحاء من العرب العرباء مع كثرتهم كثرة رمال الدهناء ، وحصى البطحاء ، وشهرتهم بغاية العصبية والحمية الجاهلية ، وتهالكهم على المباهاة والمباراة والدفاع عن الأحساب ، وركوب الشطط في هذا الباب ، فعجزوا حتى آثروا المقارعة (٥) على المعارضة ، وبذلوا المهج والأرواح دون المدافعة فلو قدروا على المعارضة لعارضوا. ولو عارضوا؛ لنقل إلينا لتوفر
__________________
(١) سورة الكهف آية رقم ٢٩
(٢) سورة الفتح آية رقم ٢٨
(٣) سقطت من (ب) كلمة (الاتفاق)
(٤) في (ب) بزيادة كلمة (العرب)
(٥) المقارعة : الحرب والقتال