بالنبوة ، ومعنى الفارقليط كاشف الخفيات.
وفي السادس عشر : أقول لكم الآن حقا يقينا أن انطلاقي عنكم خير لكم ، فإن لم أنطلق عنكم إلى أبي ، لم يأتكم الفارقليط ، وإن انطلقت أرسلت به إليكم ، فإذا جاء هو يفيد أهل العالم ، ويدينهم ويوبخهم ، ويوقفهم على الخطيئة والبر (١) ثم قال : إذا جاء روح الحق واليقين ، يرشدكم ، ويعلمكم ، ويدبركم جميع الحق ، لأنه ليس يتكلم بدعة من تلقاء(٢) نفسه.
وأما في الزبور فقوله : تقلد أيها الجبار السيف ، فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيئة يمينك ، وسهامك مسنونة ، والأمم يحرون (٣) تحتك. وقوله : قال داود : اللهم ابعث جاعل السنة حتى يعلم الناس أنه بشريعتي أبعث محمدا حتى يعلم الناس أن عيسى بشر.
قال في تلخيص المحصل : وأمثال هذا كثير في كتب الأنبياء المتقدمين يذكرها المصنفون الواقفون على كتبهم ، ولا يقدر المخالف على دفعها أو صرفها إلى ملك او نبي آخر ، ولا على أن يكتمها ، ولقد جمع أبو الحسين البصري (٤) في كتاب غرر الأدلة ما يوقف من نصوص التوراة على صحة نبوة محمد (عليهالسلام). وأما المنكرون ، أنكر المشركون والنصارى والمجوس ، ومن يجري مجراهم نبوة محمد (عليهالسلام) بغيا منهم وحسدا وعنادا ولددا من غير تمسك بشبهة ، وأكثر اليهود تمسكوا بأنه لو كان نبيا لزم نسخ دين موسى ، واللازم باطل.
أما أولا : فلبطلان النسخ مطلقا لوجهين :
أحدهما ـ أنه لم يكن لمصلحة ، فعبث ، وإن كان لمصلحة لم يعلمها عند شرعية الحكم المنسوخ فجهل ، وإن كان لمصلحة علمها وأهملها أولا ثم رعاها فبداء ، أو نقول : إن كان في شرعية الحكم المنسوخ مصلحة ، لم يعلم إهمالها عند النسخ فجهل ، وإن كان يعلمها فرأى رعايتها أولا ، ثم أهملها فبداء.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (البر).
(٢) في (ب) (عند) بدلا من (تلقاء).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (سجلا).
(٤) سبق الترجمة له في كلمة وافية في الجزء الأول من هذا الكتاب.