لامتناع السفه كالمعلوم وقوعه لامتناع الجهل.)
الرسول :
له شريعة وكتاب فيكون أخص من النبي ، واعترض بما ورد في الحديث من زيادة عدد الرسل على عدد الكتب ، فقيل : هو من له كتاب أو نسخ لبعض أحكام الشريعة السابقة ، والنبي قد يخلو عن ذلك كيوشع (عليهالسلام) ، وفي كلام بعض المعتزلة أن الرسول صاحب الوحي بواسطة الملك ، والنبي هو المخبر عن الله تعالى بكتاب أو إلهام أو تنبيه في المنام ، ثم البعثة لطف من الله تعالى ورحمة للعالمين لما فيها من حكم ومصالح لا تحصى منها معارضة العقل فيما يستقل بمعرفته مثل وجود الباري ، وعلمه ، وقدرته (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (١) ومنها استفادة الحكم (٢) من النبي فيما لا يستقل به العقل مثل الكلام والرؤية ، والمعاد الجسماني ، ومنها إزالة الخوف الحاصل عند الإتيان بالحسنات لكونه تصرفا في ملك الله بغير إذنه ، وعند تركها لكونه ترك طاعة ، ومنها بيان حال الأفعال التي تحسن تارة وتقبح أخرى من غير اهتداء العقل إلى مواقعها ، ومنها بيان منافع الأغذية والأدوية ومضارها التي لا تفي بها التجربة (٣) إلا بعد أدوار وأطوار مع ما فيها من الأخطار ، ومنها تكميل النفوس البشرية بحسب استعداداتهم المختلفة في العلميات والعمليات. ومنها تعليم الصنائع الخفية (٤) من الخاصيات والضروريات ، ومنها تعليمهم الأخلاق الفاضلة الراجعة إلى الأشخاص والسياسات الكاملة العائدة إلى الجماعات من المنازل والمدن ، ومنها الإخبار بتفاصيل ثواب المطيع ، وعقاب العاصي ، ترغيبا في الحسنات ، وتحذيرا عن السيئات إلى غير ذلك من الفوائد. فلهذا قالت المعتزلة بوجوبها على الله تعالى ، والفلاسفة بلزومها في حفظ نظام العالم على ما سيجيء ، والحاصل أن النظام المؤدي إلى صلاح حال النوع على العموم في المعاش والمعاد لا يتكمل إلا ببعثة
__________________
(١) سورة النساء آية رقم ١٦٥
(٢) في (ب) الأحكام بدلا من (الحكم)
(٣) في (ب) بزيادة كلمة (الشخصية).
(٤) سقط من (ب) لفظ (الخفية)