رسول الله صلىاللهعليهوسلم!؟ فمتى قالوا للمسترشد المتشكك : إياك ونظر العقل وتأمله فإن فيه خطر الخطأ ، ولذلك اختلف الناظرون ؛ بل عليك أن تقلد ما تسمعه منا من غير بصيرة وتأمل ، هذا لو صدر من مجنون لضحك منه ، ولقيل له : لم نقلدك ولا نقلد من يكذبك؟ فإذا طوى بساط الدليل المفرق بطريق النظر بينك وبين خصمك ، ولم يمكن درك التفرقة بالضرورة فبم تميز عن مخالفك المكذب؟! فليت شعرى من فتح باب النظر الّذي يسوق إلى معرفة الحق متبعا فيه ما اشتمل عليه القرآن من الحث على التدبر والتفكر فى الآيات وفى القرآن وعجز الخلق عن الإتيان بمثله واستدلاله به ، هو أقرب إلى موافقة الصحابة وأهل السنة والجماعة ، أو من يؤيس الخلق عن النظر فى الأدلة بالتكذيب حتى لا يبقى للدين عصام يتمسك به إلّا الدعاوى المتعارضة؟ وهل هذا إلا صنع من يريد أن يطفئ نور الله ويغطى شرع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسدّ طريقه المفضى إليه؟! فإن قيل : فنراكم تميلون تارة إلى الاتباع ، وتارة إلى النظر. قلت : هكذا تعتقده. ولكنه فى حق شخصين. فالذين سعدوا بالولادة بين المسلمين فأخذوا الحق تقليدا مستغنون عن النظر ؛ وكذا الكفار إذا تيسر لهم تصديق رسول الله صلىاللهعليهوسلم تقليدا ، كما كان يتيسر لأجلاف العرب ، والّذي يتشكك ويعرف غرر التقليد فلا بد له من معرفة صدقنا فى قولنا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، ثم بعد هذا قدر على اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولن يعرف التوحيد والنبوة إلا بالنظر فى دليله الّذي دل عليه الصحابة ودعا الرسول الخلق به ؛ فإنه ما دعاهم بالتحكم المحض والقهر المجرد ، بل بكشف سبل الأدلة. فهذا صورة القول مع كل متشكك ؛ وإلا فليبرز الباطنى معتقده فى حقّه وأنه كيف ينجو عن شكه إذا حسم عليه باب التأمل والنظر!
فهذا حلّ هذه الشبهات. وهى أركّ عند المحصل من أن يفتقر فى حلها إلى كل هذا الإطناب ، ولكن اغترار بعض الخلق به وظهور التلبيس فى هذا الزمان يتقاضى هذا الكشف والإيضاح. والله تعالى يوفقنا للعلم والعمل والرشد والإرشاد ، بمنه ولطفه.