الفصل الثانى
فى استدلالهم بالأعداد والحروف
هذا فن من الجهالة اختصت به هذه الفرقة من بين الفرق فإن طوائف الضلال مع انشعاب كلامهم وانتشار طرقهم فى نظم الشبهات لم تتطلخ طائفة منهم بهذا الجنس واستركوها (١) وعلم عوامهم وجهالهم بالضرورة بطلانها فاجتووها (٢) وتشبث بها هؤلاء ، ولا غرو فالغريق بكل شيء يتمسك ، والغبى بكل إيهام يتزلزل ويتشكك ونحن نذكر شيئا يسيرا منه ، ليشكر الناظر فيه ربه على سلامة العقل واعتدال المزاج وصحة الفطرة ، فإن الانخداع بمثل ذلك لا ينبعث إلّا من العته والخبل فى العقل.
فقد قالوا إن الثقب على رأس الآدمى سبعة ، والسموات سبعة. والأرضون سبع ، والنجوم سبعة ، أعنى السيارة ، وأيام الأسبوع سبعة. فهذا يدل على أن دور الأئمة يتم بسبعة.
وزعموا أن الطبائع أربع ، وأن فصول السنة أربعة ، فهذا يدل على الأصول الأربعة ، وهى : السابق والتالى الإلاهان ، والناطق والأساس الإمامان.
وزعموا أن البروج اثنا عشر ، فتدل على الحجج الاثنى عشر كما نقلناه فى مذهبهم. وربما استثاروا من شكل الحيوانات دلالات فقالوا : الآدمى على شكل حروف محمد ، فإن رأسه مثل «ميم» ، ويداه مبسوطتان «كالحاء» وعجزه «كالميم» ورجلاه «كالدال» ، وبهذا الجنس يتكلمون على شكل الطيور والبهائم ، وربما تأولوا من الحروف وأعدادها ، فقالوا : قد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها.
__________________
(١) استركوها : استضعفوها ؛ وجدوها ركيكة.
(٢) اجتووها : كرهوها.