الفصل الرابع
فى حيلة الخروج عن أيمانهم وعهودهم
إذا عقدوها على المستجيب
فإن قال لنا قائل : ما قولكم فى عهودهم ومواثيقهم وأيمانهم المعقودة على المستجيبين ؛ هل تنعقد؟ وهل يجوز الحنث فيها؟ أم يجب الحنث أن يتم؟ وإن حنث الحالف يلزمه بسببه معصية وكفارة ، أم لا يلزم؟ وكم من شخص عقد عليه العهد وأكدت عليه اليمين فتطوقه اغترارا بتخيلهم ، ثم لما انكشف له ضلالهم تمنى افتضاحهم والكشف عن عوراتهم ولكن منعته الأيمان المغلظة المؤكدة عليه ، فالحاجة ماسّة إلى تعليم الحيلة فى الخروج عن تلك الأيمان ـ فنقول : الخلاص من تلك الأيمان ممكن ، ولها طرق تختلف باختلاف الأحوال والألفاظ :
الأول : أن يكون الحالف قد تنبه لخطر اليمين وإمكان اشتماله على تلبيس وخداع فذكر فى نفسه عقيب ذلك الاستثناء وهو قوله : «إن شاء الله» ـ فلا ينعقد يمينه ولا يمتنع عليه الحنث. وإذا حنث لم يلزمه بالحنث حكم أصلا ، وهذا حكم كل يمين أردف بكلمة الاستثناء كقوله : «والله لأفعلن كذا إن شاء الله» وكقوله : «إن فعلت كذا فزوجتى طالق إن شاء الله» وما جرى مجراه.
الثانى : أن يؤدى فى يمينه أمرا وينوى خلاف ما يلتمس منه ويضمر خلاف ما يظهر ويكون الإضمار على وجه يحتمله اللفظ فيدبر بينه وبين الله عزوجل ؛ فله أن يخالف ظاهر كلامه ويتبع فيه موجب ضميره ونيته ، فإن قيل : الاعتماد فى اليمين على نية المستحلف إذ لو عول على نية الحالف واستثنائه لبطلت الأيمان فى مجالس القضاة ولم يعجز المحلف بين أيديهم عن إضمار نيّة وإسرار استثناء ، وذلك يؤدى إلى إبطال الحقوق ، قلنا : القياس أن يكون التعويل على نيّة الحالف واستثنائه فإنه الحالف ، والمحلّف عارض عليه اليمين ولكنه حكم باتباع نيّة