الباب الخامس
فى إفساد تأويلاتهم للظواهر الجلية واستدلالاتهم
بالأمور العددية وفيه فصلان
الفصل الأول
فى تأويلاتهم للظواهر
والقول الوجيز فيه أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن والسنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريق (١) زخرفوها واستفادوا بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ إبطال معانى الشرع ، وبما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة والموالاة ، وأنهم لو صرحوا بالنفى المحض والتكذيب المجرد لم يحظوا بموالاة الموالين ، وكانوا أول المقصودين المقتولين.
ونحن نحكى من تأويلاتهم نبذة لنستدل بها على مخازيهم فقد قالوا : كل ما ورد من الظواهر فى التكاليف والحشر والنشر والأمور الإلهية فكلها أمثلة ورموز إلى بواطن ؛ أما الشرعيات ، فمعنى الجنابة عندهم مبادرة المستجيب بإفشاء سر إليه قبل أن ينال رتبة استحقاقه ، ومعنى الغسل : تجديد العهد على من فعل ذلك. ومجامعة البهيمة معناها عندهم معالجة من لا عهد عليه ولم يؤد شيئا من صدقة النجوى ، وهى مائة وتسعة عشر درهما عندهم ، فلذلك أوجب الشرع القتل على الفاعل والمفعول به ، وإلا فالبهيمة متى وجب القتل عليها! والزنى هو إلقاء نطفة العلم الباطن فى نفس من لم يسبق معه عقد العهد (٢). (و) (٣) الاحتلام : هو أن يسبق لسانه
__________________
(١) مخاريق : أكاذيب ومفتريات. والتخرق لغة فى التخلق من الكذب (مختار الصحاح).
(٢) هو ما يعبر به عندهم بالنكاح الروحى.
(٣) الواو بين الأقواس ناقصة فى الأصل.