معلمهم المعصوم ما ذا يغنى فى هذين الطرفين؟! أيعرف كافة الخلق نصوص أقاويله ، وهم فى أقصى الشرق والغرب ، بقول آحاد هؤلاء الدعاة ولا عصمة لهم حتى يوثق بهم ، أو يشترط التواتر عنه فى كل كلمة وهو فى نفسه محتجب لا يلقاه إلا الآحاد والشواذ؟ ـ هذا لو سلّم أنه مطّلع على الحق بالوحى فى كل واقعة كما كان صاحب الشرع. فكيف ، والحال كما نعرفه ويعرفه خواص أشياعه المحدقين به فى بلده وولايته!
فقد انكشف بهذا الكلام أنهم يلبسون ويقولون : إن قلتم لا حاجة إلى التعليم فقد أنكرتم العادات ؛ وإن اعترفتم فقد وافقتمونا على إثبات التعليم. فيأخذون التعليم لفظا مجملا مسلما ثم يفصلونه بأن فيه اعترافا بوجوب التعلم من المعصوم ، فقد فهمت أى علم يستغنى فيه عن المعلم ، وأي علم يحتاج فيه إليه. وإذا احتيج فما الّذي يستفاد من المعلم طريقه ولا يقلد فى نفسه فيستغنى عن عصمته؟ وما الّذي يقلد فى نفسه فيحتاج فيه إلى عصمته؟ وأن ذلك المعصوم هو النبي صلىاللهعليهوسلم وأن ما يؤخذ منه كيف ينقسم إلى ما يعلم تحقيقا ، وإلى ما يظن ؛ وأن كافة الخلق كيف يضطرون إلى القناعة بالظن فى صدق مبلغ الخبر عن صاحب الشرع وفى إلحاق غير المنصوص إلى النصوص. وإذا أيقنت هذه القاعدة استوليت على كشف تلبيساتهم كلها ، فإن عادتهم أبدا إطلاق مقدمات مهملة بنوا عليها النتيجة الفاسدة ، كقولهم : إنكم إذا اعترفتم بالحاجة إلى التعليم فقد اعترفتم بمذهبنا ؛ فنقول اعترافنا بالتعلم فى النظريات كاعترافكم به فى الحسابيات.
هذا منهج الكلام الجملى عليهم.
المنهج الثانى فى الرد عليهم تفصيلا
وسبيلنا أن نتكلم على كل مقدمة من مقدماتهم الثمانى التى نظمناها فنقول : (المقدمة الأولى) وهى قولكم إن كل شيء يتكلم فيه بنفى وإثبات ففيه حق وباطل ، والحق واحد ، والباطل ما يقابله. فهذه مقدمة صادقة لا نعتقد نزاعا فيها ،