الباب الرابع
فى نقل مذهبهم جملة وتفصيلا
أما الجملة : فهو أنه مذهب ظاهره الرفض ، وباطنه الكفر المحض ، ومفتتحه حصر مدارك العلوم فى قول الإمام المعصوم ، وعزل العقول عن أن تكون مدركة للحق لما يعتريها من الشبهات ويتطرق إلى النظار من الاختلافات ، وإيجاب لطلب الحق بطريق التعليم والتعلم ، وحكم بأن المعلم المعصوم هو المستبصر ، وأنه مطلع من جهة الله على جميع أسرار الشرائع ، يهدى إلى الحق ويكشف عن المشكلات ؛ وأن كل زمان لا بدّ فيه من إمام معصوم يرجع إليه فيما يستبهم من أمور الدين.
هذا مبدأ دعوتهم. ثم إنهم بالآخرة يظهرون ما يناقض الشرع وكأنه غاية مقصدهم ، لأن سبيل دعوتهم ليس بمتعين فى فن واحد ، بل يخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه بعد أن يظفروا منهم. بالانقياد لهم والموالاة لإمامهم ، فيوافقون اليهود والنصارى والمجوس (١) على جملة معتقداتهم ويقرونهم عليها ، فهذه جملة المذهب.
وأما تفصيله : فيتعلق بالإلهيات ، والنبوات ، والإمامة ، والحشر والنشر. وهذه أربعة أطراف ؛ وأنا مقتصر فى كل طرف على نبذة يسيرة من حكاية مذهبهم ، فإن النقل عنهم مختلف ؛ وأكثر ما حكى عنهم إذا عرض عليهم أنكروه ، وإذا روجع فيه الذين استجابوا لدعوتهم جحدوه.
والّذي قدمناه فى جملة مذهبهم يقتضي لا محالة أن يكون النقل عنهم مختلفا مضطربا. فإنهم لا يخاطبون الخلق بمسلك واحد ، بل غرضهم الاستتباع والاحتيال ، فلذلك تختلف كلمتهم ويتفاوت نقل المذهب عنهم ، فإن ما حكى
__________________
(١) ولقد كان هذا الأمر ظاهرا فى التاريخ من خلال الوقائع والأحداث.