هذا اشتراط السلامة من البرص والجذام والزمانة وقطع الأطراف وسائر العيوب الفاحشة المنفّرة ، وأنكره منكرون وقالوا لا حاجة إلى وجود السلامة من هذه الأمراض ؛ فإن التكفّل بأمور الخلق والقيام بمصالحهم لا تستدعيها ، ولم يرد من الشارع توقيف وتعبد فيها ، وليس من غرضنا بيان الصحيح من المذهبين ، وإنما المقصود أن هذه الصفات الست غريزية لا يمكن اكتسابها ، وهى بجملتها حاضرة حاصلة فلا تثور منها شبهة المعاندة.
أما الصفات الأربع المكتسبة ، وهى النجدة والكفاية والعلم والورع ، فقد اتفقوا على اعتبارها. ونحن نبين وجود القدر المشروط لصحّة الإمامة فى الإمام المستظهر بالله أمير المؤمنين ثبت الله دولته ، وأن إمامته على وفق الشرع ، وأنه يجب على كل مفت من علماء الدهر أن يفتى على القطع بوجوب طاعته على الخلق ونفوذ أقضيته بالحق ، وبصحة توليته للولاة ، وتقليده للقضاة ، وصرف حقوق الله إليه ليصرفها إلى مصارفها ويوجّهها إلى مظانها ومواقعها. ونتكلم فى هذه الصفات الأربع على الترتيب :
القول فى الصفة الأولى
وهى النجدة
فنقول : مراد الأئمة بالنجدة ظهور الشوكة ، وموفور العدة ، والاستظهار بالجنود ، وعقد الألوية والبنود ، والاستمكان ـ بتضافر الأشياع والأتباع ـ من قمع البغاة والطغاة ومجاهدة الكفرة والعتاة وتطفئة نائرة (١) الفتن وحسم مواد المحن قبل أن يستظهر شررها وينتشر ضررها ، هذا هو المراد بالنجدة ، وهى حاصلة لهذه الجهة المقدسة ، فالشوكة فى عصرنا هذا من أصناف الخلائق للترك (٢) ، وقد أسعدهم الله تعالى بموالاته ومحبته حتى إنهم يتقربون إلى الله بنصرته وقمع أعداء
__________________
(١) نائرة : ثائرة.
(٢) الترك : العناصر والأجناس ـ غير الفارسية ـ التى دخلت الإسلام ، من بلاد المشرق.