فهو كافر ، لأنه رأى الدين الحق كفرا وباطلا ، فأما إذا ظن أنه يعتقد تكذيب الرسول أو نفى الصانع أو تثنيته (١) أو شيئا مما يوجب التكفير فكفره بناء على هذا الظن فهو مخطئ فى ظنه المخصوص بالشخص ، صادق فى تكفير من يعتقد ما يظن أنه معتقد هذا الشخص ، وظن الكفر بمسلم ليس بكفر ، كما أن ظن الإسلام بكافر ليس بكفر ، فمثل هذه الظنون قد تخطئ وتصيب ، وهو جهل بحال شخص من الأشخاص ، وليس من شرط دين الرجل أن يعرف إسلام كل مسلم ، وكفر كل كافر ، بل ما من شخص يفرض إلا ولو جهله لم يضره فى دينه ، بل إذا آمن شخص بالله ورسوله وواظب على العبادات ولم يسمع باسم أبى بكر وعمر ومات قبل السماع مات مسلما ، فليس الإيمان بهما من أركان الدين حتى يكون الغلط فى صفاتهما موجبا للانسلاخ من الدين.
وعند هذا ينبغى أن يقبض عنان الكلام ، فإن الغوص فى هذه المغاصة يفضى إلى إشكالات وإثارة تعصبات ، وربما لا تذعن جميع الأذهان لقبول الحق المؤيد بالبرهان لشدة ما يرسخ فيها من المعتقدات المألوفة التى وقع النشوء عليها والتحق بحكم استمرار الاعتياد بالأخلاق الغريزية التى يعتذر إزالتها. وبالجملة : القول فيما يوجب الكفر والتبرى وما لا يوجبه لا يمكن استيفاؤه فى أقل من مجلدة وذلك عند إيثار الاختصار فيه فلنقتصر فى هذا الكتاب على الغرض المهم.
المرتبة الثانية
المقالات الموجبة للتكفير
وهى أن يعتقد ما ذكرناه ويزيد عليه فيعتقد كفرنا واستباحة أموالنا وسفك دمائنا ، فهذا يوجب التكفير لا محالة ، لأنهم عرفوا أننا نعتقد أن للعالم صانعا واحدا قادرا عالما مريدا متكلما سميعا بصيرا حيا ليس كمثله شيء ، وأن رسوله محمد بن
__________________
(١) تثنيته : أى جعلهما إلهين اثنين تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.