تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم» ، قيل : يا رسول الله! أفلا ننابذهم؟ قال : «لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ؛ إلا من ولى عليه وال فرآه يأتى شيئا من معاصى الله تعالى فليكره ما أتى من معاصى الله تعالى ، ولا ينزع يدا عن طاعة الله». وقد روى عبد الله بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم! أنه قال : «لخليفتى على الناس السمع والطاعة ما استرحموا فرحموا ، وحكموا فعدلوا ، وعاهدوا فوفوا ، ومن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
ومنها : أن يعلم أن رضى الخلق لا يحسن تحصيله إلا فى موافقة الشرع ، وأن طاعة الإمام لا تجب على الخلق إلا إذا دعاهم إلى موافقة الشرع كما روى عن محمد بن (١) على أنه قال : «إنى لأعلم قبيلتين تعبدان من دون الله». قالوا : من هم؟ قال : «بنو هاشم وبنو أمية. أما والله ما نصبوهم ليسجدوا لهم ولا ليصلوا لهم ، ولكن أطاعوهم واتبعوهم على ما أمدوهم. والطاعة عبادة». وقد روى ابن عباس أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تسخطن الله برضى أحد من خلقه ، ولا تقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من الله ، إن الله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه قرابة يعظمهم بها ولا يصرف عن أحد شرا إلا بطاعته واتباع مرضاته واجتناب سخطه ، وإن الله تعالى يعصم من أطاعه ولا يعصم من عصاه ولا يجد الهارب منه مهربا» وقد روى عمر ابن (٢) الحكم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية وأمرّ عليهم رجلا من أصحابه ، فأمر ذلك الرجل عبد الله ابن حذاقة (٣) وكان ذا دعابة فأوقد نارا وقال : ألستم سامعين مطيعين لأميركم؟ قالوا : بلى. قال : عزمت عليكم إلا وقعتم فيها. ثم قال : إنما كنت ألعب معكم ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «من أمركم من الأمراء بشيء من معصية الله فلا تطيعوه». وقد روى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه! أنه صعد المنبر بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسبعة أيام ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم
__________________
(١) محمد بن على : ابن أبى طالب (ابن الحنفية).
(٢) عمر بن الحكم السلمىّ أخو معاوية بن الحكم.
(٣) عبد الله بن حذافة السهمى رضى الله عنه.