القبيح وشهوة له ونفورا عن الحسن فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح والمؤاخذة على الإخلال بالواجب وفعل القبيح لكان وقوع القبيح من المكلف دائما وإلى هذا أشار بقوله لزجره عن القبائح أي لزجر التكليف عن القبائح.
قال : وشرائط حسنه انتفاء المفسدة وتقدمه وإمكان متعلقه وثبوت صفة زائدة على حسنه وعلم المكلف بصفات الفعل وقدر المستحق وقدرته عليه وامتناع القبيح عليه وقدرة المكلف على الفعل وعلمه به أو إمكانه وإمكان الآلة.
أقول : لما ذكر أن التكليف حسن ، شرع في بيان ما يشترط في حسن التكليف وقد ذكر أمورا لا يحسن التكليف بدونها منها ما يرجع إلى نفس التكليف ، ومنها ما يرجع إلى متعلق التكليف أعني الفعل والمكلف والمكلف.
أما ما يرجع إلى التكليف فأمران : أحدهما انتفاء المفسدة فيه بأن لا يكون مفسدة لنفس المكلف به في فعل آخر داخل في تكليفه أو مفسدة لمكلف آخر. والثاني أن يكون متقدما على الفعل قدرا يتمكن المكلف فيه من الاستدلال به فيفعل الفعل في الوقت الذي يجب إيقاعه فيه.
وأما ما يرجع إلى الفعل فأمران : أحدهما إمكان وجوده. والثاني كون الفعل قد اشتمل على صفة زائدة على حسنه بأن يكون واجبا أو مندوبا ، وإن كان التكليف ترك فعل فأن يكون الفعل قبيحا أو يكون الإخلال به أولى من فعله.
وأما ما يرجع إلى المكلف فأن يكون عالما بصفات الفعل لئلا يكلف إيجاد القبيح وترك الواجب ، وأن يكون عالما بقدر ما يستحق على الفعل من الثواب لئلا يخل ببعضه ، وأن يكون القبيح ممتنعا عليه لئلا يخل بالواجب فلا يوصل الثواب إلى مستحقه.
وأما ما يرجع إلى المكلف فأن يكون قادرا على الفعل وأن يكون عالما به أو متمكنا من العلم به وإمكان الآلة أو حصولها إن كان الفعل ذا آلة.
قال : ومتعلقه إما علم إما عقلي أو سمعي وإما ظن وإما عمل.
أقول : متعلق التكليف قد يكون علما وقد يكون عملا أما العلم فقد يكون عقليا محضا