الخَلْق ومَنْ حَلَّ ذلك الموضعَ فانهم أهل الكُفُور* وقال* شَجَجْتُ المَفازة ـ قَطَعْتُها والبِرِّيتُ فى شعر رؤبة
* يَنْشَقُّ عَنْهُ الخَرْقُ والبِرِّيتُ*
اسم اشْتَقَّهُ من البَرِّيَّةِ فكأنما سَكَّنَ الياءَ فصارت الهاءُ تاءً وجَعَلَه اسما للبَرِّيَّةِ والصحراء وصارت التاء كأنها أصلية فى التصريف والدَّيْمُومُ ـ القَفْر وهى الدَّيْمُومة* قال الفارسى* ذكر سيبويه قَوْلَهم دَيْمُومٌ وذَهَب فى وزنه الى أنه فَيْعُول وأنه صفة وأنشد
* قَدْ عَرَضَتْ دَوِّيَّةٌ دَيْمُومُ*
وأقول ان وزنه فَيْعُولٌ كما قال فأمَّا استقاقُه فمما ذَكَرَ أبو زيد من قولهم دَمَّ فلان رأسَه يحَجَرٍ يَدُمُّه دَمًّا ـ اذا شَجَّه أو ضَرَبه فَشَدَخَه أو لم يَشْدَخْه وأنشد أبو زيد
* وَلا يُدَمُّ الكَلْبُ بالمِثْرَاد*
فالدَّيْمُومُ فَيْعُولٌ من هذا لأنَّ الفَلاةَ تَحْطِمُ سالِكِيها ويَدُلُّ على أنه فَيْعُول قَوْلُهم فى جمعه دَيَامِيم ألا ترى أنه لو كان من باب قَيْدُودة وكَيْنُونة لم يَسَعْ هذا التكسيرُ لانه كان يصير وزنه فَيَالِيلُ وهذا لم يجئ له نظير ألا تراهم حيث قالوا مَيْتٌ فَحذَفُوا العين قالوا فى التكسير أَمْواتٌ فَرَدُّوا وكذلك كان يلزم فى دَيَامِيم وفيما حكاه أبو بكر عن ثعلب من تفاسير غريب الأَبْنِية الدَّيَامِيمُ (١) فَلاةٌ يَدُوم فيها السيرُ فان قلت فهل يجوز عندك أن يكون من باب كَيْنُونة فَلَهُ وُجَيْهٌ لا يأخذ سيبويه بمثله وهو أن تجعله كأنه سُمِّى بما يُلَابِس ما يعالَجُ فيها من السَّيْر وتَجْعَل دَيَامِيمَ فَعَالِيل قُلِبَتِ الياءُ فيه من العين التى هى واو وان لم يكن موضع ابدال جعله على ما يجىء نادرا خارجا عن القياس وقد قالوا أَيَانِق والعينُ من الناقة واوٌ لقولهم تَوَّقَ واسْتَنْوَقَ وقد ينفصل هذا من ذلك بأن واحده أُلْزِم القلبَ والبدلَ فأُجْرِى جمعُه على حد ما كان عليه واحدُه ليكون ذلك دلالةً عليه وليس واحد دَيَامِيم فيما قدره جمع دَيْمُوم الذى هو مصدر كذلك فكما خالفَ واحدُه واحدَ دَيَامِيم كذلك يخالف جمعُه جمعَه فلا يكون دَيَامِيم كأَيَانِق ولو كان مثلَه لَمَا جاز حَمْلُ دَيامِيم على قَيَادِيد ألا ترى أنه قد قال ذو الرمة
بَاتَتْ يُقَحِّمُها ذُو أَزْمَلٍ وَسَقَتْ |
|
له الفَرَائشُ والسُّلْبُ القَيَادِيدُ |
__________________
(١) قوله الدياميم فلاة فى العبارة نقص ووجه الكلام الدياميم جمع ديموم وهى فلاة الخ كتبه مصححه