من جهتها العقلية الروحانية ، لا النفسية البدنية.
وما يشاهد من حصول بعض الموجودات من بعض الأجسام والجسمانيات ، كتكوّن بعض العناصر من تأثير بعض ، وكحصول الأولاد من الآباء ، والزروع من الزرّاع ، والأبنية من البانين ، ونحو ذلك ، فليس على ما يظنّ ويتوهم من كونها فواعل ؛ لأنها ليست أسبابا موجدة بالحقيقة ؛ لوجوب تقدّم الموجد بالذات والحقيقة دون الزمان والحركة ، بل هي معدّات من جهة تسبّبها ، والمعطي للوجود في الكلّ هو الله تعالى ، كما أشار إليه بقوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (١) ، (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٢) ، (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (٣) ، فأشار سبحانه إلى أن ما يسمّونه فاعلا ليس إلّا مباشر الحركات ، ومحرّك المواد.
وأمّا فاعل الصور فهو القيّوم سبحانه باستخدام بعض ملائكته المسخّرين له.
والغلط فيما زعموه نشأ من جهة أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات.
أصل
الشيء الواحد يمتنع أن يكون فاعلا وقابلا لأمر واحد ، فعلا وقبولا ،
__________________
(١) ـ سورة الواقعة ، الآية ٥٨ و ٥٩.
(٢) ـ سورة الواقعة ، الآية ٦٣ و ٦٤.
(٣) ـ سورة الواقعة ، الآية ٧١ و ٧٢.