تجدّديّين ؛ للتقابل البيّن بين القوّة والفعل من جهة واحدة ؛ ولامتناع كون معطي الكمال قاصرا عنه ؛ ولأن الشيء لو كان مبدأ لثبوت صفة أو معنى لنفسه ، لدامت تلك الصفة أو ذلك المعنى له مادامت ذاته موجودة ، ومتى كان كذلك لم يكن متغيّرا ، فمبدأ تغيّر الشيء لا بدّ وأن يكون غيره لا محالة.
وأمّا الاتصاف اللزومي ، فيجوز أن يكون المبدأ والقابل فيه واحدا ، وذلك كبداية الماهيات للوازمها ، وقبولها إياها.
أصل
كل فاعل يفعل فعلا لغرض أو غاية ، فلا بد وأن يكون حصول ذلك الغرض أو الغاية أولى له من لا حصوله ، وإن كان ذلك الغرض إكمال غيره ، أو نفي الفقر عنه ، أو إيصال الخير إليه ؛ لأنّ حصول شيء من ذلك لغيره ولا حصوله له ، إن كانا بمنزلة واحدة بالقياس إلى ذلك الفاعل ، فلا داعي له إلى ذلك الشيء ، ولا مرجّح لحصول ذلك الخير لغيره دونه ، فصدور الفعل عنه في حدّ الإمكان ، فلم يصدر.
وأيضا فإنّ الغرض المقتضي للفعل ـ حينئذ ـ ليس غرضا للفاعل ، وقد فرضناه غرضا له ، وإن لم يكونا بمنزلة واحدة فقد رجع آخر الأمر إلى غرض يتّصل بذاته ، فإنّ سؤال «لم» لا يزال يتكرر في الغرض إلى أن يبلغ ذات الفاعل من خير يعود إليه ، أو شرّ ينفى عنه ، فحينئذ يقف السؤال ؛ إذ حصول الخير للشيء ، وزوال الشر عنه ، هو المطلوب بالذات ، فكلّ طالب غرض ناقص.
وبالجملة : فطالب الغرض يطلب شيئا ليس له.