الجسمية المشتركة بين جميع الأجسام ماهية نوعية متحصّلة في الخارج ، وإنما تختلف أفرادها من حيث هي أفرادها بأمور منضافة إليها من خارج ، وقد مرّ في مباحث الماهية بيان الفرق بين الجسم بالمعنى الّذي هو مادّة الأنواع ، وبين الجسم بالمعنى الّذي هو جنس.
فالفصول عوارض خارجية منضمّة بالقياس إلى المعنى الأوّل ، ومتمّمات داخلية مضمومة بالنسبة إلى المعنى الثاني ، فجسمية إذا خالفت جسمية أخرى كانت بأمور خارجية ، سواء كانت جواهر صورية ، أو أعراضا.
وأمّا جسم إذا خالف جسما آخر مباينا له في النوع ، كان بأمور داخلية ، وعدم الفرق بين هذين المعنيين ممّا يغلّط كثيرا.
وبالجملة : لا شبهة في أنّ الصورة الامتدادية ، وهي تمام حقيقة الجسم بما هو جسم في جميع الأجسام ، أمر واحد نوعي ، محصّل ، ومقتضاها فيها واحد ، وما يجوز ويمتنع لها في بعض الأفراد يجوز ويمتنع في الكل ، فحينئذ لو كان الاتصال بين الجزئين المتّصلين مقتضى ذات الطبيعة الامتدادية يلزم أن تكون الأجسام والامتدادات كلها متّصلا واحدا ، ولو كان الانفكاك بين الجسمين المنفصلين ذاتيا لها لم يوجد شيء من تلك الطبيعة متّصلا واحدا ، بل لم يتحقق لا في العين ، ولا في الوهم ، وذلك ضروري البطلان ، بل نقول : لو قطع النظر عن تشابه الأجسام المنفصلة ، لتمّ البرهان ؛ وذلك لأنّ النظر في جسم مفرد وقبوله للانفراد والاتصال يوجب أن يقبل الجزء المقداري منه ما يقبله الكلّ ، وبالعكس ؛ لتشابه الكلّ والجزء ، فإنّ الحقيقة الامتدادية أجزاؤها جزئياتها ، فللكل وجود بالفعل وتشخّص عيني ، وللجزء وجود بالقوة وتشخّص ، فيجوز بحسب الماهية المشتركة أن يعرض لأحدها ما يعرض للآخر ، سوى المقدار