الجوهرية والاستعداد ليست كنسبة المركّب الطبيعي إلى المادّة والصورة ، بل كنسبة النوع البسيط إلى ما هما بمنزلة الجنس والفصل ، فهي نوع بسيط ، جنسه الجوهر ، وفصله أنّه مستعدّ لأيّ شيء ، لا لشيء مخصوص ، وإلّا لكان مركّبا من القابلية ومن الخصوصية الّتي بها قابل من القوابل.
اللهمّ إلّا أن يكون منشأ تلك الخصوصية أمرا ورد عليها من الصور اللاحقة ، أو يكون من الجهات الناشئة عن الفاعل ، فهي بما هي بالقوة تكون بالفعل ، وبما هي بالفعل تكون بالقوة ، لكلّ شيء أو لأشياء مخصوصة ، على الوجهين المذكورين.
وبفعلية القوّة تمتاز عن العدم المحض ، فهي إذن عبارة عن جهة فقر الأشياء ، وقصوراتها في الوجود العيني ، كما أن الإمكان الذاتي عبارة عن جهة فقر الذوات ، وقصورات الماهيات بحسب تقوّمها في مرتبة الذات والماهية.
وصل
ما من جسم في الخارج إلّا وفيه شوب قوّة لكمال ، أو قصور في أوضاع وأفعال ، وتجدّد وانتقال من حال إلى حال ، وإن كان في أيسر غرض وأسهل عرض ، فإنّ الفلك وإن كان بالفعل من جهة جوهريته ، وكمّه ، وكيفه ، وأينه ، ووضعه في نفسه ، وجميع هيئاته القارّة ، إلّا أن فيه القوّة من جهة أوضاعه بالقياس إلى الغير ؛ لعدم إمكان الجمع بين سائر الأوضاع.
فلما ثبت أن جهة القوّة ترجع إلى شيء هو محض القبول والإمكان ، فالجسمية في هذا العالم لا تخلو عن المادّة ، وكذلك المادّة بما هي مادّة لا