والمعية بينهما لا تنافي كون الصورة مفيدة ، والمادّة مستفيدة ، بل كما أن العلّة إذا كانت علّة بالفعل ، لزم عنها المعلول ، وأن يكون المعلول معها ؛ إذ المعية في الوجود غير المعية في فضيلة الوجود واستقلاله ، والأوّل لا يستلزم الثاني ، فكذلك الصورة إذا كانت صورة وموجودة يلزم عنها غيرها مقارنا لها ، والمفيد لوجود شيء قد يكون مباينا له ، وقد يكون ملاقيا.
وهكذا حال الجواهر مع الأعراض ، فإنّ الجوهر واسطة في وجود الأعراض الحالّة فيه بعد تقوّيه في ذاته بالفعل.
سؤال : كيف يصحّ أن تكون طبيعة مطلقة مبدأ لوجود شخصي ، ووحدة عمومية ، علّة لوحدة عددية ، مع أن العلّة يجب أن تكون أشدّ تحصّلا ، وأجود تعيّنا من المعلول؟
جواب : الواحد بالعموم هاهنا مستحفظ الوحدة بواحد بالعدد ، أعني المفارق القدسي ، فالعلة في الحقيقة هو ذلك المفارق ، إلّا أنّه إنّما يتم علّيته بانضمام أحد أمور تقارنه أيّها كانت لا بعينه ، وذلك لا يخرجه عن الوحدة العددية ، بل إنّما يجعل الواحد بالعدد تام التأثير من جهة حصول المناسبة بواسطته بين المفارق المحض الّذي هو بالفعل من كلّ جهة ، وبين ما هو في ذاته قوّة محضة.
بل إن سألت الحق فالوحدة الشخصية الّتي للمادّة ليست وحدة شخصية أبت في ذاتها أن تكون مستندة بوحدة نوعية للصورة ، بل هذه إنّما هي متعيّنة بتلك.
وأمّا الافتقار إلى انضمام الأمر القدسي فليس لأنّ مرتبة تحصّل المادّة ، ونحو تشخّصها ، يستدعي الاستناد إلى واحد بالعدد دون واحد بالعموم ، بل لأنّ