وصل
فتجدد الطبيعة عين ثباتها ، كما أن قوّة المادّة الأولى عين فعليتها ، فالطبيعة بما هي ثابتة مرتبطة إلى الحق ، وبما هي متجدّدة مرتبط إليها تجدد المتجددات ، وحدوث الحادثات، كما أن المادّة الأولى بما هي لها فعلية ، وإن كانت فعلية القوّة ، صدرت عن المبدأ على سنة الإبداع ، وبما هي قوّة وإمكان استعدادي يستصحّ بها الحدوث والانقضاء ، والدثور والفناء ، فهذان الجوهران بدثورهما وتجددهما واسطتان في الحدوث والزوال للأمور الجسمانية ، وبهما يحصل الارتباط بين القديم والحادث ، فللمادّة في كلّ آن صورة أخرى بالاستعداد ، ولكلّ صورة مادّة أخرى بالإيجاب ؛ لتقدّم حقيقة الصورة على المادّة بالاستلزام طبعا ، وتأخّر هويتها الشخصية عنها باللحوق الانفكاكي زمانا ، فلكلّ منهما تجدد ودوام بالأخرى ، لا على وجه الدور المستحيل ، كما مرّ بيانه.
ولتشابه الصور في الجسم البسيط ظنّ أن فيه صورة واحدة بالعدد ، لا على التجدد ، وليست كذلك ، بل هي واحدة بالحد لا بالعدد ؛ لأنها متجددة متعاقبة على نعت الاتصال ، لا بأن تكون متفاصلة متجاوزة ليلزم تركّب المقادير والأزمنة من غير المنقسمات.
فالموجودات الجسمانية باقية دائرة ، أما بقاؤها فبتجدد صورها ، وأمّا دثورها فبدثور الصورة الأولى عن تجدد الأخرى ، والدثور لازم للصورة والمادّة ، ولا جائز أن تكون للطبيعة جهة ثبات واستمرار بنفسها من حيث هي تكون بها مستندة إلى القديم. كيف ، والأمر التجددي البحت لا بقاء له أصلا ، فضلا عن كونه قديما!