وأن ينفعل هو التأثّر التدريجي ، كالحال الّذي للمتسخّن مادام يتسخّن.
فإذا فرغ الفاعل والمنفعل عن النسبة الّتي بينهما من تجدد التأثير والتأثّر ، فما هو الحاصل لكلّ منهما عند الاستقرار ليس من أن يفعل ، وأن ينفعل في شيء ، بل إمّا كيف ، كما في المثال المذكور ، أو كم ، أو وضع ، أو غير ذلك.
وأنواع هذين الجنسين هي أنواع الحركة ، بل هما نفس الحركة تنسب تارة إلى الفاعل ، وتارة إلى القابل.
وقال أستاذنا ـ دام ظلّه ـ : بل السلوك التدريجي ، أي الخروج من القوّة إلى الفعل ، سواء كان في جانب الفاعل أو المنفعل ، هو الحركة ، وهو نحو وجود خاص ليس من المقولات في شيء ، وإنما المقولة هي وجود كلّ منهما من حيث كونه تدريجيا يحصل منه تدريجي آخر ، ويحصل (١) من تدريجي آخر. انتهى (٢).
وإنما عبّر عنهما بأن يفعل وأن ينفعل ، دون الفعل والانفعال ؛ لأنّ الفعل والانفعال : الإيجاد بلا حركة ، والقبول بلا تجدّد ، ككون الباري تعالى فاعلا للعالم ، والعالم منفعلا عنه ، وليس في ذلك حركة ، لا في جانب الفاعل ، ولا المنفعل ، بل وجود يستتبع وجودا ، وتعرض لهما إضافة فقط ، فالفاعل والمنفعل بهذا المعنى إضافتان فقط ، بخلاف المقولتين الواقعتين تحت الزمان.
__________________
(١) ـ في المصدر : أو يحصل.
(٢) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٤ : ٢٢٥.