أصل
الأبعاد الجسمانية متمانعة عن التداخل ، ولا ينفذ جسم في جسم واقف له غير متنح عنه ، وذلك ممّا يعرف بأدنى تأمّل ؛ والسبب فيه إمّا مجرد المقدار ، أو بشرط المادّة ، ولا يجوز خلوها عن الشاغل ؛ لأنها على هذا التقدير لا تكون موهومة محضة ، لقبولها المساحة والتقدير ، والزيادة والنقصان ، والمساواة والمفاوتة ، مع كونها ذات وضع ، فيجري فيها برهان إثبات المادّة ، فيكون جسما ، أو مملوّة منه لا خلاء.
وصل
فإذن ظهر أن فوق كلّ بعد مادّي بعدا آخر ماديا ، إلى أن ينتهي إلى بعد هو آخر الأبعاد المادية الوضعية ؛ لوجوب التناهي فيها.
ثم إن كان فوقه بعد فهو غير محتاج إلى مادّة ، ولا قوّة انفعالية ، لغلبة أحكام الفعلية والصورية عليه ، وهو غير قابل للإشارة الحسية ، بل إنّما يقبل الإشارة الخيالية.
قال أستاذنا ـ دام ظلّه ـ : ويشبه أن يكون المراد بسدرة المنتهى في لسان الشريعة ، هو آخر الأبعاد الوضعية ، وبالعرش الّذي تستوي عليه الرحمة الإلهية ، هو ما يحيط بجميع المتماديات الحسية ، إحاطة غير وضعية ، فيكون ذا جهتين ، وواسطة بين العالمين ، فمن أحد الجانبين وهو الأعلى ينفعل عن الحق بالصور والتماثيل ، ومن الجانب الأسفل يتّصل بالصور الجسمية النوعية وأبعادها