خلقا مثلنا ، حتّى إن فيهم ابن عباس مثلي. وصدّقت هذه الرواية عند أهل الكشف.
قال : وكل ما فيها حي ناطق ، وهي باقية لا تفنى ، ولا تتبدل ، وإذا دخلها العارفون إنّما يدخلون بأرواحهم ، لا بأجسامهم ، فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا ، ويتجرّدون. وفيها مدائن لا تحصى ، بعضها يسمّى مدائن النور ، لا يدخلها من العارفين إلّا كلّ مصطفى مختار.
قال : وكل حديث وآية وردت عندنا فصرفها العقل عن ظاهرها وجدناها على ظاهرها في هذه الأرض ، وكل جسد يتشكّل فيه الروحاني من ملك وجن ، وكل صورة يرى الإنسان فيها نفسه في النوم ، فمن أجساد هذه الأرض (١).
وصل
روى محمّد بن الحسن الصفّار رحمهالله في كتاب بصائر الدرجات ، بإسناده عن هشام الجواليقي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ الله مدينة خلف البحر ، سعتها مسيرة أربعين يوما للشمس ، فيها قوم لم يعصوا الله قط ، ولا يعرفون إبليس ، ولا يعلمون خلق إبليس ، نلقاهم في كلّ حين فيسألونا عما يحتاجون إليه ، ويسألون الدعاء فنعلّمهم ، ويسألونا عن قائمنا متى يظهر ، وفيهم عبادة واجتهاد شديد.
لمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ ، لهم تقديس واجتهاد شديد ، لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم. يصلّي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجوده ، طعامهم التسبيح ، ولباسهم الورع ، ووجوههم مشرقة بالنور ،
__________________
(١) ـ هذه عبارات متفرقة مأخوذة من عدة صفحات. أنظر : الفتوحات المكية : ١ : ١٢٦ ـ ١٣٠.