وكلمات العارفين المكاشفين في وصف هذه النشأة أكثر من أن تحصى ، وناهيك بما في الباب الثامن من الفتوحات المكّية في ذلك (١) ، فإنّ فيه لبلاغا.
ولعل الرجعة الّتي تكون في زمن القائم عليهالسلام كما ورد من أهل البيت عليهمالسلام في أخبار كثيرة إنّما تكون لأشخاص من هذا العالم ، تشاهد في الحس الظاهر ، والعلم عند الله.
وصل
وأمّا النشأة الحسّية ، فهي نشأة الموت ، والفناء ، والفقد ، والظلمة ، والجهل ، وهي مركّبة من مادّة وصورة سائلتين زائلتين ، دائمتي التغيّر والتفرقة والانقسام ، لا يتعلّق بها شعور ، ولا إشعار إلّا بتبعية النشأتين الأخريين ، وإنما يظهر للحس بتوسط الأعراض ، وذلك أيضا من حيث وحدتها الاتصالية.
وأمّا من حيث كثرتها المقدارية المتجزّية عند فرض القسمة فكلّ من أجزائها معدوم عن الآخر ، مفقود عنه ، فالكلّ غائب عن الكل ، معدوم عنه.
وكذا كلّ ما تعلّق بها من حيث هو متعلّق بها ؛ وذلك لأنها مادية ، والمادية مصحوبة بالعدم والظلمة ، بل هو جوهر مظلم ، وهي أوّل ما ظهر من الظلام ، لكونها بالقوة في ذاتها ، وبما لها في أصلها من عالم النور قبلت جميع الصور النورية ، للمناسبة ، فانتفت ظلمتها بنور صورها ، فالصور أظهرتها ، فكلّ ما وجد فيها قلّت نوريّته ، وضعفت الوجودية فيه ، وخفيت ، فاحتيج في إدراكه إلى مصادفته مجرّدا عن المادّة حتّى خلص الوجود عن العدم ، فظهر ظهورا مطلقا.
__________________
(١) ـ أنظر : الفتوحات المكية : ١ : ١٢٦.