وهي مفتوحة لأهل الجحيم من الجن والإنس ، وباب القلب مغلق على من طبع الله على قلبه.
ومن ذلك كونها موصوفة في القرآن بأنها أسفل سافلين ، والطبيعة العنصرية كذلك ، فالجحيم هي الطبيعة ، ومن ذلك دلالة قوله تعالى : (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (١).
على أن النار محسوسة ، فإنّ الصورة النارية لا تتّصف بالزيادة والنقصان إلّا من جهة كونها قائمة بالمادّة الجسمانية ؛ لأنّ حقيقة النارية لا تقبل هذا الوصف من حيث ذاتها ، وإنما يقبله الجسم المحترق بالنار ، الّذي تسخره النارية.
وقيل : معنى الآية : كلّما خبت : يعني النار المتسلّطة على أبدانهم بواسطة خمود الشهوة والغضب ، وركود القوى لمرض أو هرم.
زدناهم : يعني المعذّبين ، ولم يقل : زدناها ، يعني أن العذاب ينقلب إلى بواطنهم من جهة اكتساب الملكات والأمراض في نفوسهم ، وهو أشدّ من العذاب الحسّي ؛ إذ قد سلّط الله على بواطنهم التفكّر في ما كانوا فيه من التفريط في جنب الله ، فيكون عذابهم النفساني أشدّ من حلول العذاب المقرون بتسلّط النار المحسوسة على أجسادهم ، ومنشؤه نار النفس الأمّارة بالسوء ، الّتي تطّلع على الأفئدة.
ومن ذلك دلالة قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا* ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) (٢).
__________________
(١) ـ سورة الإسراء ، الآية ٩٧.
(٢) ـ سورة مريم ، الآية ٧١ و ٧٢.