وصل
قال ـ مدّ ظلّه ـ : وممّا يثبت ذلك عقلا أنّ الزمان بكمّيته الاتصالية شخص واحد موجود في وعاء الدهر ، وكذا الحركة القطعية بامتدادها الاتصالي لها هوية مقدارية حاضرة عند الباري جلّ ذكره ، وعباده المقرّبين المقيمين عنده من الملائكة والنبيين والشهداء ، وكذا كلّ ما يقترن الزمان والحركة لها حضور جمعي يوم الجمع ، لا ريب فيه ، فسطح الأرض وإن كان في كلّ زمان بجملة ما عليه غير ما هو في زمان آخر ، سابقا كان ، أو لاحقا ؛ لعدم اجتماع أجزائه كلها ، ولعدم حضور ما يقارنها ويوازيها من المتجدّدات والمتغيّرات عند المحبوسين في سجن المكان المقيّدين بقيود الزمان ، بل في كلّ زمان يسع وجه الأرض عددا معيّنا محصورا من الخلائق ، ثمّ تفرغ عنها وتسع خلقا جديدا غيرها ، إلّا أنّه إذا انكشف الغطاء ، وأخذت جملة الزمان متصلا واحدا ، كما هو عند المرتفعين عن قيود عالم الزمان والمكان ، كان يجب أن يتصوّر شكل وجه الأرض على هيئة سطح واحد متّصل ، يتضمن جميع السطوح الأرضية الموجودة ، كلّ منها في زمان معيّن من الأزمنة الكائنة من ابتداء وجود العالم ، إلى انتهائه ، وتكون جميع هذه السطوح ـ الّتي لا يمكن إحصاؤها ـ سطحا واحدا ، يسع الخلائق كلها ، يوم القيامة ، الموجودة في الآزال والآباد ، وإذا أخذ ذلك السطح على هذا الوجه لم يكن من ذوات الأوضاع الحسّية ؛ إذ ليس حاصلا في جهة معيّنة من الجهات ، ولا في زمان معيّن من الأزمنة ، ولا محسوسا بإحدى هذه الحواسّ ، بل إنّما يدرك بحواسّ الآخرة.
وهكذا مجموع الأمكنة إذا أخذت جملة واحدة لم يكن موجودا حسّيا له