وحدة حسّية ، بل موجودا عقليا له وحدة عقلية.
وهكذا مجموع عالم الأجسام ـ بما هو مجموع ـ ليس ممّا يناله الحسّ ، بل يشعر به ، إمّا العقل بذاته ، أو بآلة من مشاعر عالم الآخرة ؛ إذ ليس لعالم الأجسام كله وضع خاصّ ، ولا إليه إشارة حسّية ، ولا له جهة ، ولا مكان ، فإذا كان وجود سطح الأرض على هذا الوجه من مقدورات الله تعالى من غير شبهة ولا ريب ؛ لأنّه ممّا قاد إليه البرهان ، ويحكم به الوجدان ، ولا نزاع فيه لأحد ممّن له قدم راسخ في المعارف العقلية ، وحقّق الأمر في نسبة المتغيّرات والمتجدّدات إلى الثابتات والكلمات التامّات ، وعلم معنى الدهر والسرمد ، ونحو وجود الحركة بهويّته الاتصالية ، والزمان بكمّيته الامتدادية التجدّدية ، وما انطبقا عليه ، ووجدا معه ، وبه ، بالذات أو بالعرض ، فكيف تقصر قدرته ـ جلّت كلمته ـ عن جميع الخلائق كلها دفعة واحدة ، في ساهرة واحدة ، كما قال : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ* فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (١).
قال : وفي قوله سبحانه : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) (٢) ، بعد قوله : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (٣) ، دليل واضح على ما ذكر لدلالة الكلّية على الشمول العمومي لجميع المرضعات ، وذوات الأحمال ، متى كنّ ، وأين كنّ.
__________________
(١) ـ سورة النازعات ، الآية ١٣ و ١٤.
(٢) ـ سورة الحج ، الآية ٢.
(٣) ـ سورة الحج ، الآية ١.