بقوله :
ما وحّد الواحد من واحد |
|
إذ كلّ من وحّده جاحد |
توحيد من ينطق عن نعته |
|
عارية أبطلها الواحد |
توحيده إياه توحيده |
|
ونعت من ينعته لاحد |
وتمام الكلام في توحيد الوجود يأتي فيما بعد ، إن شاء الله.
أصل
وإذ قد بيّنا وجوب انتهاء كلّ من جهات الفقر إلى غنيّ بالذات من تلك الجهة ، ثبت وجوب انتهاء كمالات الوجود كلها إلى كامل بالذات فيها الّذي كانت له بالفعل دائما في جميع المراتب ، وكما أن مفيض الوجود ليس مسلوب الوجود في مرتبة ، فكذلك واهب الكمال لا يجوز أن يكون ممنوعا في حدّ ذاته ؛ إذ المفيض ـ لا محالة ـ أكرم وأعلى وأمجد من المفاض عليه ، فكما أن في الوجود وجودا قائما بالذات ، غير متناه في التأكّد ، وإلّا لم يتحقّق وجود بالغير ، فكذلك يجب أن يكون في العلم علم متأكّد قائم بذاته ، وفي الاختيار اختيار قائم بذاته ، وفي القدرة قدرة قائمة بذاتها ، وفي الإرادة إرادة قائمة بذاتها ، وفي الحياة حياة قائمة بذاتها ، حتّى يصحّ أن تكون هذه الأشياء في شيء لا بذواتها ، بل بغيرها ، فإذن فوق كلّ ذي علم عليم ، وفوق كلّ ذي قدرة قدير ، وفوق كلّ ذي سمع سميع ، وفوق كلّ ذي بصر بصير ، إلى غير ذلك من صفات الكمال.
ويجب أن يكون جميع ذلك واحدا حقيقيا ؛ لامتناع تعدّد الغنيّ بالذات ، فهو سبحانه ـ كما قيل ـ وجود كلّه ، وجوب كلّه ، علم كلّه ، قدرة كلّه ، حياة كلّه ، لا