أن شيئا منه علم ، وشيئا آخر قدرة ، ليلزم التركّب في ذاته ، ولا أنّ شيئا فيه علم ، وشيئا آخر فيه قدرة ، ليلزم التكّثر في صفاته الحقيقية (١).
يعني أن ذاته بذاته ، من حيث هو هو مع كمال فرديّته ، منشأ لهذه الصفات ، ومستحقّ لهذه الأسماء ، فيكون هو نفس هذه الصفات وجودا ، وعينا ، وفعلا ، وتأثيرا ، وإن كانت هي غيره بحسب المعنى والمفهوم ؛ وذلك لجواز أن توجد الأشياء المختلفة ، والحقائق المتباينة ، والمفهومات المتغايرة ، بوجود واحد ؛ لما دريت أن الوجود هو الأصل ، والماهيات تابعة ، ودريت أن ذاته سبحانه بسيطة في غاية البساطة ، ليس له جهتا قوّة وفعل ، وأنّه غير متناه في الغنا والتمامية والكمال ، فلا يجوز أن يكون في مرتبة من المراتب ، أو باعتبار من الاعتبارات ، عرية عن كمال ما.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله» (٢).
وقال الصادق عليهالسلام : «هو نور لا ظلمة فيه ، وحياة لا موت فيه ، وعلم لا جهل فيه ، وحق لا باطل فيه» (٣).
وقال أيضا : «هو نور ليس فيه ظلمة ، وصدق ليس فيه كذب ، وعدل ليس
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٦ : ١٢١ ، وقد نقله عن الفارابي.
(٢) ـ نهج البلاغة : ٣٩ ، الخطبة رقم «١».
(٣) ـ كتاب التوحيد : ١٤٦ ، ح ١٤.