الأزل ، ظهر أن مجده وعلوه تعالى في الفاعلية والعالمية والقادرية ، ونحوها من صفات الكمال ، ليس بالمعنى الإضافي الّذي هو متأخّر عن ذاته ، وعن وجود ما أضيفت هي إليه ، على أن وجود الفعل عنه موقوف على كونه فاعلا ، فلو كانت فاعليّته موقوفة على وجود الفعل لزم الدور ، بل علوّه ومجده في هذه الصفات إنّما هو بمبادىء تلك الإضافات المتقدّمة على وجود ما تعلّقت هي به ، وهي كونه في ذاته بحيث تنشأ منه هذه الصفات ، وهو سبحانه إنّما هو كذلك بنفس ذاته ، فإذن علوّه ومجده في صفاته العليا ليس إلّا بذاته لا غير.
وهذه جملة تأتي بتفاصيلها.
أصل
وإذ هو سبحانه بسيط الحقيقة ، منزّه الذات عن الموضوع والمادّة والعوارض ، وسائر ما يجعل الذات بحال زائدة ، ويراها على غير ما هي عليه ، فلا لبس له ، فهو صراح ، وذاته غير محتجبة عن ذاته ، فهو ظاهر بذاته على ذاته ، فهو يدرك ذاته أشدّ إدراك ، ويعلمها أتمّ علم ؛ لظهورها له أشدّ ظهور ، بل لا نسبة لعلمه بذاته إلى علوم ما سواه بذواتها ، كما لا نسبة بين وجوده ووجودات الأشياء ، حيث هو وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى.
وصل
فعلمه بذاته عبارة عن كون ذاته ظاهرة لذاته ، ولا يوجب ذلك أن تكون هناك اثنينية في الذات ، ولا في الاعتبار ، فإنّه ليس إلّا اعتبار أنّ له حقيقة ظاهرة