بذاتها ، هي ذاته ، وأنّه حقيقة ظاهرة ذاته له ، ففي الاعتبار تقديم وتأخير في ترتيب المعاني والغرض المحصّل شيء واحد ، ولا يجوز أن تحصل حقيقة الشيء مرتين ، فذاته سبحانه ـ مع وحدته الصرفة ـ عالم ومعلوم وعلم ، على أنك قد دريت ذلك في كلّ علم.
وصل
ولما كان ذاته تعالى فاعلا تاما لجميع ما عداه ، ومبدأ لفيضان كلّ إدراك ، حسّيا كان أو عقليا ، ومنشأ لكلّ ظهور ، عينيا كان أو ذهنيا ، إمّا بدون واسطة ، أو بواسطة هي منه ، وفاعليته عين ذاته ؛ إذ هي من الكمالات ، والعلم التام بالفاعل التام للشيء من حيث حقيقته الّتي بها فاعل يستلزم العلم بكونه فاعلا لذلك الشيء ، وهو مستلزم للعلم بذلك الشيء ، فهو سبحانه عالم بجميع الموجودات قاطبة على الترتيب الإيجادي ، لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ، وما تخرج من ثمرة من أكمامها ، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه ، وما تسقط من ورقة إلّا يعلمها ، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
وصل
ولما كان ظهور ذاته سبحانه لذاته إنّما هو بذاته لا بغيره ، وظهور ما سواه من الفاقرات ـ أيضا ـ بذاته ؛ لاستناد الكلّ إليه ، فهو النور المطلق ، كما قال : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) ؛ لما دريت أن النور هو الظاهر في نفسه ، المظهر
__________________
(١) ـ سورة النور ، الآية ٣٥.