لغيره ، فله الإشراق والتسلّط المطلق ، فلا يحجبه شيء عن شيء ، فهو مستغن في علمه بالأشياء عن ارتسام صورها في ذاته تعالى ، أو في شيء آخر عنده ، ونحن إنّما احتجنا إلى الصورة في الأشياء لأنّ ذواتها كانت منفصلة عنّا ، غير مقهورة لنا ، ولو كانت مقهورة لما احتجنا إلى صورة أخرى ، كما في علمنا بأنفسنا ، وبالأشياء الّتي نتصوّرها في أذهاننا ، على ما دريت.
وأمّا الأشياء الظاهرة لأبصارنا عند عدم الحجاب فالمعلوم بالذات لنا منها ليس إلّا ما هو مقهور لنا ، حاضر عندنا من صورها الذهنية دون الصور الخارجية الغير المقهورة ، كما مرّ بيانه.
فإذن علمه تعالى وبصره واحد ، كما هما فينا.
وصل
وأيضا لما كانت فاعليّته تعالى للأشياء إنّما هي بنفس وجوده الّذي هو عين ذاته ، وهو يعلم ذاته بمجرد وجوده الّذي هو به فاعل ، فيجب أن يعلم منه كلّ ما يصدر عنه ، أي بحسب كونها موجودة ، لا بمجرّد ماهياتها من حيث هي مع قطع النظر عن خصوص وجوداتها ؛ لأنها من تلك الحيثية فقط من غير اعتبار الوجود معها ليست صادرة عنه ، كما بيّناه من قبل.
والعلم بها من حيث كونها صادرة موجودة في الخارج ليس إلّا بنفس وجوداتها الخارجية؛ لأنّ أفراد الموجودات الخارجية بما هي تلك الأفراد بعينها لا يمكن حصولها في الذهن حصولا مطابقا لها ، وإلّا يلزم أن يكون الموجود الخارجي من حيث هو موجود خارجي موجودا ذهنيا ، هذا خلف.