وشدّته ، وخيريّة المدرك وملائمته.
ويظهر ذلك أيضا من المراجعة إلى الوجدان في اللذّات الحسّية والعقلية على اختلاف مراتبها.
وصل
وإذ ثبت ابتهاجه سبحانه بذاته ثبت ابتهاجه بلوازمه وآثاره الّتي هي موجودات العالم بأسرها ؛ إذ كلّ من أحبّ ذاتا متّصفة بالبهاء والكمال فلا محالة يحبّ ما يصدر عنه وينشأ منه بذاته من الآثار واللوازم من حيث إنها تصدر عنه وتنبع عنه ، ولما لم يكن للفاقرات حيثية أخرى سوى كونها أثرا من آثار ذاته ، ورشحا من مرشّحات فيضه وجوده فلا يمكن أن يتعلّق بها ابتهاج ومحبّة منه سبحانه ، إلّا من جهة ابتهاجه بذاته ومحبّته لها ، فابتهاجه بها منطو في ابتهاجه بذاته ، بل هو هو بعينه.
ومن هنا قال بعض أهل المعرفة عند سماع قوله تعالى : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (١) : بحق يحبّهم ، فإنّه ليس يحبّ إلّا نفسه ، على معنى أنّه كلّ الوجود ، وليس في الوجود غيره ، فهو كمن لا يحب إلّا نفسه ، وأفعال نفسه ، وتصانيف نفسه ، فلا يتجاوز حبّه ذاته ، وتوابع ذاته من حيث هو متعلّق بذاته ، فهو إذن لا يحبّ إلّا نفسه. انتهى كلامه (٢).
__________________
(١) ـ سورة المائدة ، الآية ٥٤.
(٢) ـ المبدأ والمعاد : ١٥٧ ، وقد نقله عن الشيخ أبي سعيد المهنى.