وعلى هذا القياس أجناس المقولات ، وأنواعها ، وأفرادها.
وكما أن الذات لا تزال محتجبة بالصفات ، فكذلك الجوهر لا يزال مكتنفا بالأعراض.
وكما أن الذات الإلهية مع انضمام صفة من صفاتها اسم من الأسماء ، كلية كانت ، أو جزئية ، كذلك الجوهر مع انضمام معنى من المعاني الكلية إليه يصير جوهرا خاصّا ، مظهرا لاسم خاصّ من الأسماء الكلية ، بل عينه ، وبانضمام معنى من المعاني الجزئية يصير جوهرا جزئيا ، كالشخص.
وكما أنّه من اجتماع الأسماء الكلية تتولد أسماء أخر ، كذلك من اجتماع الجواهر البسيطة تتولد جواهر أخر مركّبة منها.
وكما أنّ الأسماء بعضها محيط بالبعض ، فكذلك الجواهر.
وكما أنّ الأمّهات من الأسماء منحصرة ، كذلك أجناس الجواهر وأنواعها منحصرة.
وكما أن الفروع من الأسماء غير متناهية ، كذلك الأشخاص غير متناهية.
فما من شيء ظهر في تفاصيل العالم إلّا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكله ، ولو لا هي لما ظهر ؛ لأنّ وجود المعلول ـ كما دريت ـ ناشىء من وجود العلّة ، ولكن يجب أن يتصور ويعتقد ما هناك على وجه أعلى وأشرف ، وإلّا فهو سبحانه منزّه عن الجوهرية والعرضية ، وإن ثبت له شيء من الأعراض ، بل هو تعالى في غاية الأحديّة والجلالة ، لا يشابه شيئا ، ولا يشابهه شيء بوجه من الوجوه ، تعاظم ربّنا عن ذلك ، وتقدّس.
ولنشر الآن إلى تحقيق الحق في خلق الأعمال ، والقدر في الأفعال ، وإبطال الجبر والتفويض ، ومن الله التأييد.