وتعالى بالعلماء ، فقد ورد في الذكر الحكيم : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (١) ، فقد خصّ الله سبحانه وتعالى الذين أوتوا العلم بدرجات ، لا بدرجة واحدة ، نتيجة لما بذلوه من أجل إسعاد البشرية ، وإنقاذها من ظلمات الجهالة الّتي تسودها بين الفينة والأخرى.
فلكلّ مرحلة من الزمان منقذ ، ولكلّ آونة من يد تنتشل الإنسانية من الغرق في أوهام الجاهلين.
ولم يقتصر الحثّ من قبل النبي وأهل بيته عليهمالسلام ، بل نجد أنّ الحثّ ورد كذلك من قبل رسل الله تعالى وأوليائه عليهمالسلام على العلم والتعلّم ، والركون إلى العلماء من أجل الحصول على مزيد من العلوم الّتي تعشقها النفوس الإنسانية ، فقد ورد عن لقمان الحكيم ، وهو يوصي ولده بوصايا ، منها قوله : «يا بني ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتك ...» (٢) ، فإنّ من جالس العلماء فإنّه سوف يجد نفسه أمام شخصية بذلت ما في وسعها ، وأتعبت نفسها ، وأسهرت ليلها من أجل نيل ما خصّه الله سبحانه وتعالى للإنسان من الدرجات الرفيعة ، والمقامات السامية ، فباحتكاكه معهم تتطرق إلى آذانه الكلمات الّتي لا يسمعها من عوام الناس ، بل كلمات تنبع من قلب خشع أمام عظمة الله تعالى ، بتبحّره في علمه.
فالعالم يجهد فكره في بلورة المعلومات في قوالب وأطر جديدة ، بعد تمحيصها وسبكها بصياغات تتناسب وأفهام الناس ، فإنّ فكر العالم في دوّامة مستمرة لا تهدأ من أجل تحصيل ما يسد الفراغ العلمي الطارىء على ذهنيته نتيجة حصوله على معلومات ولّدت فراغا آخر.
__________________
(١) ـ سورة المجادلة ، الآية ١١.
(٢) ـ روضة الواعظين : ١ : ١١.