ومعنى (يمحو ويثبت ما يشاء) أنه يغير أحكام الشريعة بحسب ما يعلمه من المصالح لعباده ، فيبيحه ما لم يكن مفسدة ، ويحظره إذا تغيرت حاله وصار مفسدة ويوجبه إذا كان مصلحة ، ويسقط وجوبه إذا خرج عن كونه مصلحة. وسمي بذلك محوا وإثباتا من حيث التبديل والتغيير والتطبب والتشبيه بمن كتب شيئا ثم محاه وأزال رسمه.
ويجوز أيضا أن يراد بالمحو والاثبات الحقيقة لا التسمية ، لما وردت به الرواية من إثبات ما يكون في اللوح المحفوظ ، فإذا تعبد تعالى بشرع كتبه وإذا نسخه محاه.
وأما قوله (وعنده علم الكتاب وعلم ما لم يكتب) ، فيحتمل أمرين : أحدهما أن يريد بالكتاب ما كتبه في اللوح المحفوظ ، والوجه الآخر أن يريد بالكتاب القرآن. ولا شبهة في أنه تعالى يعلم ما زاد على ذلك كله وما لا يتناهى من المعلومات.
* * *
وجدت في نسخة السيد رضي الله عنه ملحقا ملخصه :
وإذا كنا قد قضينا من تفسير هذه القصيدة الوطر ، وبلغنا الغرض ، فالواجب القطع ههنا ، وإنما لم نفرع التفسير ونتتبعه ، ونفصل وجوه الكلام كلها ونقسمها ، لأن هذا الخبر غير متناه ، ويحوجنا إن قصدناه واستوفيناه إلى ذكر وجميع أحكام العربية ، وجميع اللغة المروية في الكلام وفروعه ، وخاصة في الإمامة وما يرجع إليها ويتعلق بها ، وهذا غرض لا تتسع له الطوامير ، ولا تنحصر فيه الأساطير.
وفي الجمل التي ذكرناها كفاية في معرفة مراد الشاعر ، وما لا بد من معرفته من معاني كلامه ، وما تعدى ذلك فهي إطالة تمل وتضجر. غير أنا آثرنا أن نختم هذه القصيدة بشئ من أخبار السيد رحمه الله تعالى ، ومحاسنه وفضائله ، لتكمل