اعلم أن عادة الشيوخ جرت إذا ذكروا في كتبهم أن من الواجبات النظر في طريق معرفة الله تعالى أن يبتدءوا بالدلالة على أن كون النظر أولا قبل الدلالة على وجوبه. والظاهر يقتضي العكس فيما فعلوه.
وليس يجوز أن يكون الوجه في ذلك أن كون النظر لا سابقا وكونه واجبا صفتان له ، وأنت بالخيار في تقديم كل واحدة على الأخرى. وذلك أن كونه أول الواجبات يتضمن دعوى وجوبه وأوليته ، وليس يمكن أن يعلم أنه أول الواجبات فوجب لذلك تقديم الكلام في أوليته ، لانفصال الوجوب من الأولية وتعلق الأولية بالوجوب.
ولما فكرت في جهة العذر في ذلك لم أجد إلا ما أنا ذاكره ، وهو :
أن الدلالة على وجوب النظر مبنية على وجوب معرفة الله تعالى ، ومعرفة الله تعالى مبنية على أن اللطف في فعل الواجبات العقلية ، وهو العلم باستحقاق الثواب والعقاب على الطاعات والقبائح لا يتم إلا بمعرفة الله تعالى ، ومبني على أن اللطف واجب على الله تعالى إذا كان من فعله ، وإذا كان من فعلنا فواجب علينا ، فصار العلم بوجوب النظر في معرفة الله تعالى لا يتم الا بعد معارف كثيرة طويلة لا يمكن أن يدل عليه عاجلا من غير حوالة على ما يطول من أصول كثيرة ، وأخروا الكلام في وجوبه لما ذكرناه من تعلقه لما لا يمكن الكلام في هذا الموضع. والله أعلم.
[١٢]
[التاء في كلمة «الذات» ليست للتأنيث]
مسألة :
سئل رضي الله عنه عن التاء في قولنا «ذات القديم تعالى» [و] في قولهم