دعواكم له فيما بعد ، ولكن كيف بناء ما سلمناكم عنه على ما سلمناه لكم ، وذلك أن الكذب ثم يمتنع وقوعه من القديم تعالى لقبحه ، فلا يجوز أن يقع منه ما ضاهاه في القبح. وانما استحال عليه لأنه موصوف بضده لنفسه.
وليس هذا المعنى موجودا فيما سألناكم عنه ، لأن المعجز فعل من أفعال الله تعالى ، فما الجامع بينهما. فلا يجدون شيئا.
[عدم جواز إضلال الله تعالى عن الدين]
دليل آخر لهم :
ان قالوا : لو جاز أن يظهر الله المعجز على [أيدي](١) الكذابين لكان لا سبيل لنا على الفصل بين الصادق [والكاذب] والنبي والمتنبي من جهة الدليل ، ولكان القديم تعالى غير موصوف بالقدرة ، على أن يدلنا على الفصل بينهما. وهذا تعجيز له ، وقد دليل الدليل على أن القدرة من صفات ذاته ، فما أدى (٣) الى خلاف ما دل الدليل عليه فهو باطل.
قل لهم : فقولكم أداكم اليه ، وذلك أن كذب الكاذب إذا كان لا يخرج القديم من أن يكون قادرا على ما كان قادرا عليه ولم يكن قبح الفعل يؤمننا من وقوعه منه تعالى على قولكم ، فما أنكرتم من أنه لا سبيل لنا ولا للقديم تعالى الى الفصل بين الصادق من جهة الدليل لا ترون أن من خالفكم في إجازة الضلال عن الدين على الله تعالى لقبح ذلك. كيف يمكنه أن يستدل بظهور المعجز على صدق من ظهر عليه وأنكم مختصون بتعذر ذلك عليكم على أصولكم. فهذا القول بمقتضى أصولكم
__________________
(١) الزيادة منا لتكميل الكلام.
(٢) في الأصل «فما أدرى».