وتلبيسا. ولو ظهر على يدي كل كاذب وصح لكل مدع لجرت العادة به ، ولا يتم الغرض.
[لا يجوز كذب الرسول في اخباره]
استدلال آخر :
ان قالوا : لو جاز أن يظهر المعجز على يدي الكذابين لم يجز أن يظهر على [يدي](١) أحد من الصادقين ، ولوجب أن يكون من ظهر عليه كاذبا في جميع ما يخبر به. كما أنه لما دل عندنا وعندكم على صدق الأنبياء لم يجز أن يقع منهم كذب ، وفي علمنا يصد من ظهر على يديه في كثير مما يخبر به ، دليل على أن المعجز دليل الصدق لا الكذب.
يقال لهم : ان لم تمسكتم أن يكون دلالة على كذب الكاذب وانما سميناكم تلبيسا (٢) واضلالا ، وما كان كذلك فليس يجب أن يجري على طريقة واحدة. وإذا كان هذا الزامنا سقط ما تعلقتم به.
وأيضا : فإن العلم ليس هو تصديق لمن ظهر عليه في كل ما يخبر به ، وانما هو تصديق له فيما أخبر به من النبوة لنفسه وبحمله الرسالة عن ربه ، وإذا كان كذلك ثبت أنه لم يظهر قط الا تصد لمن كذب في هذا المعنى ، فأما صدقه في غير ذلك فلا تعلق له بالمعجز.
وانما قلنا نحن أن الرسول عليهالسلام لا يجوز أن يكذب في شيء من أخباره لأن في كونه في غير ما أداه عن الله تعالى [يكون](٣) اتهاما له وتنفرا عنه ، وليس
__________________
(١) زيادة منا لإتمام الكلام.
(٢) كذا في النسخة.
(٣) الزيادة منا والعبارة غير مستقيمة.