ما ألزمناكموه وبين ما سألتم عنه سبب.
[معنى الضلال والهدى والحسن والقبح]
ثم يقال لهم : انا نسألكم عن ضلال فرضنا في نفس المسألة أنه مما علم أنه لا نفع ، كما سألتم عن هدى فرضتم في نفس المسألة أنه لا يقع. وانما سألناكم عن ضلال موقوف على الدليل وفي جواز وقوعه.
والشك في كونه يتكلم معكم : فليس يخلو من أن يكون مما يصح وصف القديم تعالى بالقدرة على إيجاده على الوجه الذي سألناكم عنه أولا يصح ذلك بل يستحيل ، فان كان مما يستحيل وصفه بالقدرة عليه فليس يلزمكم إذا لم تصفوه بالقدرة عليه تعجيز الله تعالى ، فلا تلزموا أنفسكم ذلك كما يلزمكم ، ولا يلزمنا أيضا تعجيز الله تعالى متى لم نصفه بالقدرة على ما يستحيل أن يكون مقدورا من الجمع بين المتضادات وسائر المحالات.
وان كان مما يصح وصف القديم بالقدرة عليه فما الذي آمن من وقوعه ، فان الحال عندنا يختلف في مقدورات القديم ويتفق عندكم ، وذلك أن سنخ القبيح يؤمننا من وقوعه منه تعالى لأدلتنا المشهورة في ذلك ، وما ليس بقبيح فلا سبيل لنا الى الامتناع من تجويزه. ولا يؤمنا من وقوعه الا الخبر الصدق إذا ورد بنفي وقوعه.
وجميع مقدورات القديم عندكم بمنزلة الحسن من مقدوراته عندنا ، لأن قبح القبيح لا يعجز عن فعله ، بل لا يصح منه شيء. وعلى قولكم فلا أمان لكم من وقوع شيء من ذلك الا من جهة الخبر.
فإذا كنا انما نكلمكم في الطريق التي منها يعلم صحة الخبر ، فقد انسدت عليكم