يجوز أن يرسل الله تعالى من يكون كذلك ، كما لا يجوز أن يفعل شيء من ضروب الاستفساد. وهذه طريقته المستمرة على أصولكم ، فالمطابقة بحالها.
فان قالوا : ليس يخلو المعجز من أن يكون دليلا على الصدق والكذب ، فان كان دليلا على الصدق فهو ما قلنا ، وان كان دليلا على الكذب لزم فيه ما ألزمنا.
قيل لهم : ما أنكرتم ألا يكون دليلا على أحدهما وأن يكون الغرض فيه هو التبيين على ما بينا فهل من فضل. وما أنكرتم من أن يكون تصديقا لكاذب مخصوص وهو المدعي للنبوة فلا يوجد الا كذلك ، فهل من شيء تدفعون به ما طولبتم (١) به ، ولن تجدوا ذلك أبدا.
[استحالة القبيح على القديم تعالى]
دليل آخر لهم :
ان قالوا : ان المعجز تصديق لم نظهر عليه ، فكما لا يجوز أن يصدق الله تعالى أحدا ـ بأن يخبر بأنه صادق وهو كاذب ـ فكذلك لا يجوز أن يصدق لما يجري مجرى القول من الفعل.
يقال للنجارية منهم : المسألة عليكم في البابين واحدة ، فلم لا يجوز ذلك.
ويقال للكلابية : نحن قلوبكم ذلك ، فبم تتفضلون.
فان قالوا : قد ثبت أن الله تعالى صادق لنفسه أو أن الصدق من صفات ذاته ، فليس يجوز عليه الكذب في شيء من أخباره ، كما انه إذا كان عالما لنفسه لم يجز أن يجهل شيئا من معلوماته.
قيل لهم : هاهنا سلمنا لكم هذا الذي لا سبيل لكم اليه ، وسنبين لكم بطلان
__________________
(١) في الأصل «ما طولتم».