والصوارف مترددة ، والدواعي إليه كونه إحسانا والصارف كونه غير واجب على الفاعل ، فإذا اختار فعله فلا بد من استحقاق المدح.
فان قالوا : فيجب مع امتناع (١) أحدنا من القبيح الذي يستغنى عنه بالحسن أن يستحق الضرب الأخر من المدح الذي قلتم ان القديم تعالى يستحقه على أنه لم يفعل القبيح.
قلنا : لا يجب ذلك ، لأن القديم تعالى انما لا يختار القبيح لكونه تعالى على صفات نفسه يقتضي ذلك يستحق بها المدح والتعظيم من كونه تعالى غنيا عالما ، وهذا غير ثابت في أحدنا. وانما اتفق لأمر عارض كان يجوز ألا يحصل استغناؤه عن القبيح بالحسن ، من غير أن يكون له في نفسه وجه لاستحقاق ضرب من ضروب المدح.
فان قيل : هذا الذي حررتم يخالف كل شيء سطره الشيوخ قديما في هذه المسألة.
قلنا : الذي ذكروه أنه تعالى يستحق المدح بألا يفعل القبيح ، وقد قلنا بذلك ودللنا عليه ، فما خالفنا ظاهر ما أطلقوه وان كانوا [..](٢) الضرب الأخر من المدح الذي من شأنه أن يسقط عن خلوص الصوارف فقد زلوا في ذلك ، والزلل جائز عليهم لا سيما في هذه المواضع [..](٣).
(٩)
[المنع من العمل بأخبار الآحاد]
مسألة خرجت في شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ، قال رضي الله عنه :
__________________
(١) في الأصل «مع امتنع»
(٢) بياض في الأصل.