أنه لا يجوز أن يستحقه ـ بينه وبين القديم تعالى [..](١) منفعة في الكذب وداع اليه على كل حال ، وان [..](٢) فيما يصل اليه بهما من النفع ، والقديم تعالى لا حاجة له ولا منفعة تتعلق بكل واحد من [..] أحدهما قبيح صارف خالص من فعله واستحقاق المدح مع ذلك بعينه (٣).
فان قالوا : فيجب على هذا أن لا يمدح من لا يفعل القبائح حتى يعلم من حاله أنه امتنع مع الحاجة إليها وأنه ليس بمستغن عنها.
قلنا : كذلك ، ومن الذي يقول ان كل ممتنع من القبيح لا لقبحه بل لغير ذلك لا يستحق مدحا ، فنحن لا نمدح الممتنع من القبيح الا بعد أن نعلم أنه امتنع منه لقبحه. وكذلك لا قدح إلا إذا علمنا له اليه داعيا ولا لمدحه مع خلوه من الصوارف عنه.
فان قالوا : فيجب [..] يستحق المدح من فعل الواجب.
قلنا : أما الضرب من المدح الذي يستحق على الأفعال فيجب أن لا يستحقه تعالى على فعل الواجب ، لأنه لا داعي له إلى الإخلال به كما قلناه في فعل القبيح لكنه يستحق على ذلك الضرب الأخر من المدح الذي تقدمت الإشارة إليه كما يستحق هذا القبيح بأن لا يفعل القبيح.
فان قيل : فكيف قولكم في استحقاقه تعالى المدح على الإحسان والتفضل.
قلنا : يجب أن يستحق بذلك المدح المستحق بمثله على الأفعال ، لأن الإحسان مما يجوز ـ وهو على ما هو عليه ـ أن يفعله وأن لا يفعله ، وليس اليه داع موجب لا بد معه من فعله ولا عن الامتناع منه صارف خالص لا بد من ارتفاعه معه ، والدواعي
__________________
(١) بياضات في الأصل.
(٢) بياضات في الأصل.
(٣) في الأصل «فعينه».