وأما القسم الثالث ـ وهو ما تفعله نفوسنا من الألم ـ فيتكامل حسنه بالنفع الزائد من غير زيادة عليه ، ومن شرطه أن يكون ذلك النفع لا يحصل الا بتقديم هذا الألم. ومثاله : إتعاب اما معلوما واما مظنونا.
وكل وجه من هذه الوجوه التي ذكرنا أن [..](١) شيء عوض فيه المفسدة قبح لأجلها ، لأن المفسدة متى عرضه غيرت وجوب الواجبات كلها وصارت [..](٢) فأولى أن يكون الألم كذلك في الوجوه التي يحسن عليه الألم.
وإذا قيل : وإذا كانت المفسدة تغير وجوب الواجبات فما الذي يؤمنكم أن يكون رد الوديعة أو قضاء الدين مفسدة في بعض الأوقات.
فالجواب عن ذلك : انه لو كان شيء مفسدة في بعض الأوقات لوجب على الله تعالى أن يبينه لنا ويميزه ، فلما لم يفعل ذلك علمنا أن جميع الأوقات متساوية في وجوب ذلك كله. وهذا بين.
(٢١)
[معنى قول النبي «من أجبا فقد أربى»]
مسألة :
الإجباء في اللغة العربية هو بيع الزرع (٣) قبل أن يبدو صلاحه ، يقال : أجبا الرجل يجبى إجباء فعل ذلك.
فمعنى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله «من أجبا فقد أربى» : أن من باع الزرع قبل أن يبدو صلاحه ـ وقد نهى عن ذلك وحظر عليه ـ
__________________
(١) بياض في الأصل.
(٢) بياض في الأصل.
(٣) في الأصل «هو بياع الزوج».