فيما يجب الاعتماد في فساد العمل بأخبار الآحاد في الشريعة قوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) وقوله تعالى (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢) ، وكل آية تنهى فيها عن الفعل من غير علم ، وهي كثيرة.
ولما كان بخبر الواحد في الشريعة عاملا به الظن من غير علم لصدق الراوي يوجب أن يكون داخلا تحت النهي.
فان قالوا : في العامل بخبر الواحد علم وهذا العلم بصواب العلم بقوله وحسنه وان لم يكن عالما بصدقه فلم يجب العلم من العمل (٣) ، وانما نهى تعالى عن العمل الذي لا يستند إلى شيء من العلم.
قلنا : الله تعالى نهى عن اتباع ما ليس لنا به علم ، [ولو علمنا](٤) بخبر الواحد فقد قفونا ما ليس له علم ، لأنا لا ندري أصدق هو أم كذب ، والعلم بصواب العمل عنده هو علم به ، وأقوى العلوم به العلم بصدقه ، وليس ذلك بموجود في العمل بخبر الواحد ، فيجب أن يكون النهي متناوله.
فان قيل : نهينا (٥) عن أن نقتفي ما ليس لنا به علم ، ونحن إذا عملنا بخبر الواحد فإنما اقتفينا بخبر قول الرسول صلىاللهعليهوآله الذي يعبدنا بالعمل به والدليل الدال على ذلك ولم نتبع قول الخبر الواحد.
قلنا : ما اقتفينا الا بقول الخبر الواحد ولا عملنا الا على قوله ، لأن عملنا مطابقا لما أخبرنا به مطابقة يقتضي تعلقها به. وانما الدليل في الجملة عند من ذهب
__________________
(١) سورة الإسراء : ٣٦.
(٢) سورة البقرة : ١٦٩.
(٣) في الأصل «فلم يجب العمل من عمل».
(٤) زيادة منا.
(٥) في الأصل «لقينا».