شيئين (١) ، فهذا غير لازم ، وإن عنيت أن هذا الوجود الحاصل (إنما حصل) (٢) بتأثير هذا المؤثر فيه ، فهذا مذهبنا الذي لا حق إلا هو ، فلم قلتم إنه محال؟
والجواب عن الشبهة الثالثة : وهي قولهم : (٣) «افتقار الأثر إلى المؤثر ، إما أن يكون وصفا ثبوتيا أو عدميا» قلنا : لم لا يجوز أن يكون مفهوما عدميا؟ قوله : «كونه مفتقرا نقيض لقولنا : إنه غير مفتقر».
قلنا : هذا الكلام يوجب عليكم (٤) كون العدم وجودا ، وذلك لأن كون العدم مناقضا للوجود ومقابلا له وصف وجودي ، بدليل أن كونه غير مناقض له ، وغير مقابل له ، وصف عدمي وإذا كان اللامناقض واللامقابل وصفا عدميا ، وجب أن يكون كونه مناقضا ومقابلا وصفا وجوديا ، وإذا كان لهذا الوصف وصفا وجوديا (وهو محمول العدم ، لأنه لا نزاع أن العدم مناقض للوجود) (٥) ومقابل له ، فيلزم أن يكون العدم موصوفا بصفة موجودة، والموصوف بالصفة الموجودة موجود ، فيلزم كون العدم موجودا ، وهو محال. وكل ما ذكروه في الجواب عن هذا الكلام ، فهو عين جوابنا عن هذه الشبهة المذكورة.
والجواب عن الشبهة الرابعة : وهي قولكم : (٦) «الحكم على الشيء بالافتقار يقتضي أن يكون المحكوم عليه بالافتقار مقدما على ذلك الافتقار ومتأخرا عنه» قلنا : هب أن الافتقار إلى الشيء معنى وقع في محل الشك والشبهة ، إلا أن كون الشيء حادثا بعد العدم أمر معلوم بالضرورة ، فإنا نشاهد أن النور يحدث بعد الظلمة ، وأن الحر يحدث بعد البرد ، ونقول : ما ذكرتموه في تقرير هذه الشبهة ، فهو بعينه قائم في الحدوث ، وذلك لأن ذلك الشيء موصوف بالحدوث ، والموصوف متقدم بالرتبة على الصفة ، ويقتضي أيضا ، أن يكون متأخرا عنه ، لأنه وجد بعد أن لم يكن ، وكما أن هذه الشبهة
__________________
(١) مرتين (ز).
(٢) من (س).
(٣) قوله (س).
(٤) علم (س).
(٥) من (ز).
(٦) قولهم (س).